أكد وزير العدل حافظ الأختام, الطيب لوح, يوم الخميس بالقاهرة ضرورة مواصلة إصلاح الجامعة العربية و تطوير آليات عملها لإضفاء النجاعة المطلوبة على العمل العربي المشترك. في كلمة له خلال الدورة 32 لمجلس وزراء العدل العرب, ذكر السيد لوح برسالة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال القمة العربية الأخيرة المنعقدة بموريتانيا و التي عبر فيها عن انشغال الجزائر العميق بالوضع الراهن للأمة العربية "الذي يقتضي مواصلة إصلاح الجامعة العربية بالوتيرة التي تواكب التطورات المتسارعة وتطوير آليات عملها". و أوضح أن الجزائر تعتبر هذا الأمر "من أهم الرهانات التي علينا رفعها لإضفاء النجاعة المطلوبة على عملنا المشترك والتكيف مع المتطلبات العربية الراهنة ومواجهة التحديات الجديدة لترقية عملنا العربي المشترك خدمة لقضايانا القومية ومواكبة آمال شعوبنا". و أبرز السيد لوح أن "ما ينذر به الراهن الدولي من تحولات عميقة في العلاقات الدولية ومتغيرات في التوازنات الجيوستراتيجية التي لسنا بمنأى عن آثارها, يستلزم أكثر من أي وقت مضى, أن تكون الجامعة العربية و مؤسساتها في الموقع الذي يمكنها من المساهمة بفعالية في تحديد معالم التوجهات والرؤى المستقبلية ببوصلة عربية لمواجهة كل التحديات". و تابع قائلا: "فمن غير الطبيعي أن تكون منطقتنا في قلب هذه التحولات, متأثرة بالتجاذبات الإقليمية والدولية و تكون في نفس الوقت غير مؤثرة في مجريات الأحداث و غير فاعلة في صنع القرار على النحو الذي يخدم مصالحها الأساسية و يضمن مستقبل الأمة العربية". و لفت الوزير إلى أن العالم اليوم "ابتعد كثيرا عن قيم السلم و طغت عليه روح الهيمنة و لا خيار أمامنا إلا أن نكون فيه فاعلين أو أن يكون نصيبنا منه الحروب و المآسي و التخلف عن ركب الحضارة". في سياق متصل, أبرز السيد لوح دور المجالس الوزارية المتخصصة و منها على الخصوص مجلس وزراء العدل العرب في رصد واستشراف تحديات التعاون العربي في المجالين القانوني والقضائي وتحديد الأولويات واستراتيجيات العمل الملائمة. و تابع في هذا الإطار قائلا "وهكذا فإن عملنا ينبغي أن يتميز بالديناميكية والقدرة على التكيف السريع مع التحولات والمستجدات القومية والعالمية", مضيفا أن ذلك "يقتضي تطوير الأدوات الكفيلة بتفعيل مختلف الآليات والاتفاقيات العربية مع إحداث, إن لزم الأمر, آليات وأجهزة جديدة للتعاون المباشر والعملياتي بين الأجهزة الأمنية والقضائية على نحو يجعلها بحق وسائل فعالة في مواجهة كل ما يتهدد مجتمعاتنا من مخاطر تمس أمنها و استقرارها و تماسكها". و بعد أن أوضح أن فرق العمل و اللجان المتخصصة لمجلس وزراء العدل العرب تواصل عملها المنوط بها و حققت إلى حد الآن "نتائج إيجابية", قال الوزير أن ذلك لا يمنع من التطلع لتعاون قانوني وقضائي عربي "أكثر ديناميكية" يرتكز على أدوات ووسائل تتناسب ومتطلبات المكافحة "الفعالة" لظواهر إجرامية حديثة كالإجرام السيبراني و تبييض الأموال التي تتداخل مع نشاطات إجرامية أخرى معروفة كالاتجار بالمخدرات و بالأسلحة و الاتجار بالبشر و المهاجرين "التي انتشرت و وجدت في الأوضاع الأمنية المتردية مناخا مناسبا لتتجذر و تصبح تهديدا جديا على استقرار الدول و أمنها". من هذا المنطلق, شدد السيد لوح على ضرورة العمل وفق منظور جديد لآليات التعاون تعطى فيه الأولوية للعمل على مستوى الخبراء واللجان المتخصصة ضمن إطار تعاون عملياتي يدعمه "التبادل السلس" للمعلومات عبر الأطر الملائمة اعتمادا على مختلف التقنيات لاسيما عبر شبكة الانترنت والاتصال المرئي عن بعد. إصلاحات قطاع العدالة في الجزائر مستمرة من جهة أخرى, أشاد الوزير بما تم تحقيقه من تعاون على مستوى مجلس وزراء العدل العرب في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة, مضيفا أن الجزائر "لا تدخر جهدا في المساهمة في تعزيز التعاون العربي في هذا المجال". كما أكد أن الجزائر تضع أمام الأشقاء العرب خبرتها وتجربتها في إصلاح العدالة وتعزيز استقلالية القضاء وعصرنة التسيير "التي قطعنا فيها أشواطا كبيرة", إضافة الى الإصلاحات التشريعية لتكريس حماية حقوق الإنسان ودعم مكانة الدفاع وتكريس مبدأ قرينة البراءة كضمانات للمحاكمة العادلة. وشدد على أن الإصلاحات "العميقة" التي عرفتها العدالة تحت رعاية الرئيس بوتفليقة "مستمرة" خاصة بعد تعديل الدستور "الذي عزز استقلالية القضاء وأحاط الحريات والحقوق الفردية بمزيد من الضمانات التي نحن بصدد مواصلة إعداد أطرها القانونية الملائمة". من جانب آخر, أشار الوزير إلى أن الجزائر تواصل المساهمة في إثراء الإطار القانوني لمكافحة تمويل الإرهاب من خلال مقترحها المتعلق بتجريم الفدية المتضمن تعديل بعض أحكام الاتفاقية العربية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وعلى الخصوص إضافة مادة جديدة تحث الدول على اتخاذ التدابير التشريعية لتجريم أي فعل من أفعال دفع الفدية. و أوضح أن تجريم الفدية "يهدف إلى التصدي لظاهرة الإرهاب باستهداف احد أهم مصادر تمويله و تجفيف منابعه الرئيسية وذلك ضمن إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب تعمل الجزائر على تجسيدها في إطار عمل إقليمي ودولي موحد يستهدف هذه الآفة من جذورها". و اعتمد مجلس وزراء العدل العرب في إجتماعه على مشروع البروتوكول العربي لمكافحة الاتجار بالبشر وخاصة النساء والأطفال و على مشروع بروتوكول عربي لمنع ومكافحة القرصنة البحرية والسطو المسلح و على الاتفاقية العربية لتنظيم نقل وزراعة الأعضاء والانسجة البشرية ومنع ومكافحة الاتجار فيها و على الاتفاقية العربية لمنع ومكافحة الاستنساخ البشري. وستحال المشاريع على الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب للنظر في اعتماده والتوقيع عليه في اجتماع مشترك لمجلسي وزراء العدل والداخلية العرب.