سيتوجه أزيد من 23 مليون ناخب يوم الخميس المقبل إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني للسنوات الخمس المقبلة في إطار انتخابات تتميز للمرة الأولى بضمانات دستورية للشفافية و الإنصاف ومن شأنها تعزيز الاستقرار والسلم اللذين تنعم بهما الجزائر. و قد تم تجنيد نحو 500.000 عون لتأطير أكثر من 65.000 مركز ومكتب تصويت موزعين على ولايات الوطن ال48 والمناطق الجغرافية الاربعة في الخارج لضمان السير الحسن لهذا الموعد الانتخابي الذي سيسمح بانتخاب 462 نائب من بينهم 8 ممثلين للجالية الوطنية المقيمة بالخارج. و قد انطلقت عملية التصويت بالنسبة للجالية الوطنية بالخارج (955.426 ناخب) و في المناطق النائية (مكاتب تصويت متنقلة) يوم 29 ابريل طبقا لأحكام القانون المتعلق بنظام الانتخابات. الالتزام بضمان احترام اختيار الناخبين و في رسالة موجهة للأمة دعا رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إلى تمسك مواطنات و مواطني الجزائر للمشاركة بقوة في الانتخابات التشريعية و "المساهمة في استقرار البلاد وفي تقدم الديمقراطية". و أوضح الرئيس بوتفليقة أن هذه الاقتراع يكتسي أهمية بالغة من حيث أنه يأتي في سياق التعديل الدستوري "العميق" الذي تم أثناء العام الماضي ومن حيث إنه يتزامن مع وضع مالي "ينطوي على تحديات ستواجه بلادنا". و بعد أن اعرب عن التزام الدولة بالسهر على أن "يحظى اختيار الناخبين بالاحترام و سيكون الاختيار الذي يرتضونه بأنفسهم وبحرية وفق قناعتهم السياسية" دعا القاضي الأول للبلاد كافة المسؤولين والأعوان العموميين المعنيين بهذه العملية إلى التحلي ب"الحياد التام" والسهر على "الاحترام الدقيق" لأحكام القانون. ضمانات دستورية للشفافية و الانصاف و وفقا للمراجعة الدستورية لشهر فبراير 2016 سيكون الاقتراع التشريعي ليوم 4 مايو المقبل محاطا بضمانات جديدة. و بموجب المادة 194 من القانون الاساسي للبلاد تم انشاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات للسهر على نزاهة و شفافية الانتخابات من يوم استدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الاعلان عن النتائج المؤقتة للاقتراع. و تتمتع الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي تضم قضاة و ممثلين عن المجتمع المدني بصلاحيات واسعة منها الطلب من النيابة تسخير القوة العمومية أو اخطارها بالمخالفات المسجلة و التي تكتسي طابعا جنائيا. و يتمثل الضمان الثاني في القانون الجديد المتعلق بالنظام الانتخابي الذي يسمح لممثلي المترشحين بممارسة حقهم في مراقبة عملية التصويت في كل المراحل و تسجيل احتجاجاتهم و طعونهم في محاضر الفرز. كما سيشارك في مراقبة الانتخابات التشريعية أزيد من 300 ملاحظ من الجامعة العربية والاتحاد الافريقي ومنظمة التعاون الاسلامي و الاتحاد الأوربي و الاممالمتحدة. وتميزت الحملة الانتخابية (من 9 إلى 30 ابريل) بتنشيط عدة تجمعات شعبية من طرف رؤساء الأحزاب السياسية حيث تم التطرق إلى مواضيع متنوعة دعوا خلالها الناخبين إلى التوجه بقوة إلى صناديق الاقتراع بالنظر للطابع المفصلي لهذه الانتخابات. و تم التاكيد خلال هذه الحملة على الحفاظ على استقرار و وحدة البلاد وانتخاب الكفاءات داخل مجلس "ذي مصداقية" و تعميق الاصلاحات الاقتصادية و بعث الفلاحة واعادة "بناء اجماع وطني" و ترقية الشباب. حملة انتخابية متسمة بخطاب "مسؤول" و لدى تقييمه للحملة الانتخابية أشار رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال إلى أنها اتسمت "بالهدوء و بخطاب مسؤول" باستثناء بعض التجاوزات التي سجلت في اطار "المنافسة الانتخابية". و أوضح من جهته رئيس سلطة الضبط السمعي البصري زواوي بن حمادي بشأن التغطية الاعلامية أنه لم يتم تسجيل أي شكوى أو خروقات و هو ما اعتبره أمرا "مشرفا" بالنظر إلى التجربة الفتية للقنوات التلفزيونية حديثة النشأة التي تم الترخيص لها لتغطية هذا الحدث مؤكدا أن هذه الأخيرة "عملت بكل حرية". وسيكون على عاتق المجلس الشعبي الوطني القادم متابعة عملية تطبيق الاحكام المنبثقة عن المراجعة الدستورية لاسيما مراقبة أكبر للعمل الحكومي واعطاء دور اكبر للمعارضة البرلمانية و اعتماد عدة قوانين في ميدان الحقوق السياسية و الاجتماعية و عصرنة المرفق العمومي و الحوكمة. كما سيتكفل بمهمة سن القوانين من أجل استكمال مختلف الاصلاحات الموجهة ترقية اقتصاد متنوع أكثر من اجل تقليص تبعية البلاد للسوق العالمية للمحروقات.