افتتح الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، يوم الاثنين، سفارة بلاده في العاصمة الإثيوبية أديس بابا، ليدشن بذلك عهدا جديدا في العلاقات بين البلدين بعد نزاع استمر عقدين من الزمن. وجاء ذلك خلال زيارة تاريخية للرئيس أفورقي إلى إثيوبيا والتي تعد الأولى منذ 22 عاما، لينهي واحدا من أطول النزاعات في إفريقيا، ويؤسس لتقارب تاريخي بين البلدين الجارين والشعب الواحد، حيث احتشد الآلاف في العاصمة أديس بابا لاستقباله، مرحبين بعودة السلام ونهاية الحرب. وكان رئيس إرتيريا، قد تعهد ب"حل الخلافات القائمة بين البلدين الجارين"، حيث وقع البلدان قبل أيام "إعلان أسمرة للسلام والصداقة" الذي يتضمن إنهاء حالة الحرب بين البلدين، عقب زيارة تاريخية قام بها أبي أحمد إلى إريتريا (الأولى منذ 1997). وتضمن الإعلان ضرورة تطبيع العلاقات بين البلدين مع فتح الحدود بينهما في وقت لاحق، وانسحاب إثيوبيا من المناطق التي تسيطر عليها. وأضاف أنه "بعد النقاش... اتفقنا على إعادة فتح سفارتينا وعلى بدء خطوط الطيران بالعمل و السماح بالدخول و الخروج بين البلدين". كما نشر رئيس أركان الجيش الإثيوبي صورا على موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) مصحوبة بتعليق كتب فيه "الزيارة توفر فرصة رائعة للمضي قدما بلا تردد نحو السلام لمصلحة شعبينا". ودعا كل من أفورقي وأبي إلى "الحب والوحدة" بعد عداء استمر 20 عاما، وقال أسياس أفورقي: "لقد اخترنا أن نسلك طريقا نعمل من خلاله معا على تحقيق التنمية والازدهار والسلام بعد التغلب على مؤامرة الكراهية والانتقام والدمار". وتعد المصالحة بين إثيوبيا وإريتريا "تاريخية"، حيث من شأنها أن تغير المشهد السياسي والوضع الأمني في منطقة القرن الإفريقي المضطربة، التي نزح منها مئات الآلاف من الشبان بحثا عن الأمان وفرص جديدة في أوروبا. وفي هذا السياق، قال رئيس الوزراء الإثيوبي "الصفح يحرر الضمير.. عندما نقول أننا تصالحنا، فإننا نعني أننا اخترنا طريق الصفخ والحب". وفي مؤشرات ملموسة على إعادة بعث علاقات الأخوة والصداقة من جديد، اتفق البلدان على فتح سفارتيهما وتطوير الموانئ واستئناف الرحلات الجوية بينهما. ترحيب دولي بالسلام بين إريتيريا وإثيوبيا أعربت الجزائر عن ارتياحها للتطور الايجابي الذي سجل مؤخرا في العلاقات بين اثيوبيا و إيريتريا، وقرار البلدين بتطبيق "اتفاق الجزائر" الذي وقع في ديسمبر 2000 كاملا وكذا نتائج لجنة رسم الحدود، مجددة استعدادها لمرافقة البلدين الشقيقين في طريق استكمال مسار السلام. ورحب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بإعادة بعض العلاقات من جديد بين إرتيريا وإثيوبيا، وقال إنه لا حاجة للعقوبات المفروضة على إرتيريا بعد التوصل لاتفاق سلام مع إثيوبيا. كما رحب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، موسى فقي، بالتطورات الإيجابية في العلاقات بين البلدين، وأشاد بزعيمي البلدين بسبب هذه الخطوات الجريئة والشجاعة، مؤكدا أن السلام الدائم بين البلدين سيكون له تأثير إيجابي هائل على السلام والأمن والتنمية والاندماج في منطقة القرن الأفريقي والقارة كلها. وبالمناسبة، رحبت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (ايغاد) بتطبيع أسمرة وأديس بابا لعلاقتيهما، معربة عن أملها في أن "يساهم ذلك في تحقيق السلام والاندماج الاقتصادي في المنطقة وفي القارة الافريقية بشكل عام". من جانبه، أكد الاتحاد الأوروبي أن التسوية بين إثيوبيا وإريتريا سوف تفيد الاستقرار في منطقة القرن الأفريقي، مشددا على أنه يقف على أهبة الاستعداد - كشاهد على اتفاق سلام الجزائر - لمساعدة إثيوبيا وإريتريا في طريقهما نحو المصالحة. وأكدت الخارجية الروسية من جهتها أن التطبيع السريع للعلاقات الثنائية الإثيوبية الأريتيرية "يفي بالمصالح الأساسية لشعبي البلدين كما يساعد على استقرار الوضع السياسي والتكامل الاقتصادي في إفريقيا". ورحبت كل من مصر والإمارات ببعث العلاقات من جديد بين البلدين بما يخدم تطلعات شعبيهما، آملين في أن يكونا مثالا لإنها كافة النزاعات في القارة السمراء. وانفصلت إريتريا رسميا عن إثيوبيا في 1993 بعد معركة طويلة على الاستقلال، لكن البلدين دخلا في حرب عام 1998 بسبب نزاع على الحدود تسبب في مقتل 80 ألف شخص. ورغم توقيع اتفاق سلام عام 2000 بوساطة الجزائر، بعد مرور عامين على بداية الحرب، رفضت إثيوبيا تنفيذه قائلة إنها تريد إجراء المزيد من المحادثات.