اشتد الصراع بدولة السودان مع بلوغ الوضع مستوى خطير يوم الاثنين اثر محاولات فض اعتصام المحتجين أمام مقر قيادة الجيش في العاصمة الخرطوم التي خلفت أزيد من عشرة قتلى وولدت غضبا في أوساط قوى الحراك التي اعلنت وقف التفاوض مع المجلس العسكري. فبعد أن كان ينتظرعودة التفاوض بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى "إعلان الحرية والتغيير" (المعارضة) , للوصول الى حل للازمة السياسية بالبلاد , انعكست الامور وانحرفت عن مسارها وعاشت الخرطوم اليوم حالة وصفت ب"الخطيرة" كما عرفت مدن سودانية اخرى منها مدينة "أم درمان" غرب الخرطوم غضب في الشارع تزامن مع مجريات احداث العاصمة . وشهدت ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني في الخرطوم إطلاق نار واشتباكات , مما أدى إلى سقوط ضحايا, فيما اتهمت المعارضة قوات الأمن والمجلس العسكري ب"محاولة تأزيم الموقف والالتفاف على الثورة". وكان ألاف السودانيين يعتصمون أمام مقر قيادة الجيش للضغط على المجلس العسكري لتسريع عملية تسليم السلطة إلى المدنيين. وتزداد الهوة بين المجلس العسكري وقادة الاعتصام منذ فشل اتفاق نسب التمثيل في أجهزة السلطة الأسبوع الماضي, ودعا قادة الاحتجاجات إلى استراتيجية شاملة لمواصلة الضغط على المجلس, كتكثيف الوجود في ساحات الاعتصام, والتلويح بالإضراب السياسي والعصيان المدني. ووصلت المحادثات بين المحتجين والمجلس العسكري بشأن من يحكم خلال الفترة الانتقالية بعد عزل الرئيس عمر البشير في وقت سابق هذا العام إلى طريق مسدود. وعرض المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة في إبريل بعد أن عزل الجيش البشير السماح للمحتجين بتشكيل حكومة لإدارة البلاد لكنه يصر على الاحتفاظ بالسلطة خلال فترة انتقالية بينما يريد المتظاهرون أن يدير المدنيون الفترة الانتقالية. -- عصيان مدني يشل الحياة .. وغضب شعبي واسع -- وأصيبت الحياة في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن السودان بالشلل التام منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الإثنين, بعد تدخل قوات الدعم السريع لفض الاعتصام في محيط القيادة العامة للجيش. وأغلق شباب غاضبون بعد ذلك أغلبية الطرق الرئيسة في الخرطوم, وأحرقوا إطارات السيارات, استجابة لدعوة من قوى إعلان الحرية والتغيير, التي أعلنت العصيان العام والشامل, وطالبت المواطنين بالخروج في مسيرات احتجاج وإغلاق الطرق, معلنة لأول مرة رغبتها في إسقاط المجلس العسكري الانتقالي. وذكرت تقارير اعلامية ان كل المحال التجارية أغلقت أبوابها, وانعدمت تماما وسائل النقل العمومي, واضطر المئات للسير على أقدامهم لمسافات طويلة للوصول لغاياتهم. بدأت مدينة أم درمان غرب الخرطوم عصيانها, وخرجت أغلب أحيائها, رغم الصوم, في تظاهرات واحتجاجات, وتم إغلاق كل الشوارع, حسب شهود عيان تحدثوا ل"العربي الجديد", فيما لم يتمكن الكثير من سكان المدينة من التحرك إلى مواقع أخرى. وعلى خلفية تطورات الأوضاع على الساحة السودانية والأحداث الأخيرة وتداعياتها طالبت الاممالمتحدة ودول عدة , بضرورة التزام كافة الأطراف بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار. و دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس المجلس العسكري وقادة الاحتجاجات في السودان إلى استئناف المحادثات بهدف التوصل سريعا إلى اتفاق لتسليم السلطة لحكومة يقودها مدنيون في أقرب وقت ممكن. كما أهاب مؤتمر القمة الإسلامية في دورته الرابعة عشرة المنعقدة في مكة المكرم نهاية الاسبوع الماضي بجميع الأطراف السودانية مواصلة الحوار البناء من أجل الحفاظ على السلام والتماسك الاجتماعي في البلاد بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني في الانتقال السلمي للسلطة وتحقيق الاستقرار والتنمية المستدامة.