عرفت الجزائر منذ بداية انتشار وباء كورونا هبة تضامنية وطنية واسعة و دعوات للتجند من أجل كبح انتشار الجائحة و كذا التخفيف من اضرارها و ذلك من خلال اسهامات العديد من الهيئات الإدارية و المؤسسات الاقتصادية والمواطنين في الميدان دعما ل "المجهود الوطني" للوقاية من الوباء. ولإنجاح هذه الحملة التضامنية الوطنية التي عرفت تجنيد كل الإمكانيات المادية و البشرية اللازمة تم اطلاق العديد من المبادرات تتمثل في قوافل للتموين بالمواد الإستهلاكية و وسائل الوقاية و المعدات الطبية و المواد الصيدلانية موجهة للمواطنين او المؤسسات الاستشفائية للتخفيف من تداعيات الوباء. و برزت أولى بوادر هذه الهبة التضامنية الوطنية منذ القرارات المتخذة من قبل رئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, الرامية الى الوقاية و الحد من انتشار الفيروس, و التي انتجت رد فعل متسلسل للمبادرات, حيث اصبحت الهيئات الإدارية و المؤسسات الاقتصادية و رجال اعمال و مواطنون متطوعون يتسابقون للقيام بمساهمات و حملات و تبرعات من باب روح التضامن الوطني في هذا الظرف الصعب التي تمر به البلاد و الوعي بضرورة تفعيل المسؤولية الجماعية لكبح انتشار هذا الوباء و التخفيف من تداعياته الصحية و الاقتصادية و الاجتماعية. و كانت البداية مع لجوء العديد من الشركات من القطاعين العمومي والخاص, على رأسها المؤسسة الوطنية لمواد التنظيف و منتجات التعقيم (إيناد) و مجمع الصناعات الصيدلانية (صيدال) وشركة الصناعات شبه الصيدلانية (سوكوتيد), إلى مضاعفة قدراتها الإنتاجية لمواد التطهير والتعقيم و منتجات النظافة البدنية التي كثر عليها الطلب منذ بداية انتشار وباء كورونا بالجزائر. كما اعلن ثلاثة متعاملون في الصناعة الصيدلانية (مجمع بيوفارم وصيدال والكندي) بانهم التزموا بإنتاج 476 ألف ليتر من هذا المحلول الكحولي يسلم الى الصيدلية المركزية للمستشفيات التي تتولى بدورها تسليمه للمؤسسات والهيئات والمصالح الإستشفائية والصيدليات الخاصة. كما قامت مخابر "فينوس" لصناعة مواد التجميل بالبليدة (الولاية الاكثر ضررا من حالات فيروس كورونا) بالتبرع بهبة من الهلام الهيدروكحولي المطهر لتوزيعها على كافة مستشفيات الولاية طيلة فترة الوباء بهدف المساهمة في جهود الحد من انتشار فيروس كورونا. و كانت الصيدلية المركزية للمستشفيات قد اعلنت عن وضع مرافقها التخزينية تحت تصرف كل الأشخاص المعنويين و الأشخاص الطبيعيين الراغبين في تقديم هبات من مواد صيدلانية في اطار مكافحة وباء فيروس كورونا, و هذا ما ادى الى تزايد المبادرات من هذا النوع من قبل المخابر و المجمعات الصيدلانية خصوصا فيما يتعلق بالعتاد و التجهيزات الطبية لدعم مستخدمي المؤسسات الاستشفائية. من جهتها, اعلنت مؤسسة "بريد الجزائر" عن فتح حساب بريدي جاري لاستقبال مساهمات الراغبين في دعم الجهود المبذولة على المستوى الوطني لمجابهة جائحة كورونا و هذا في إطار إطلاق حملة التضامن الوطني. مؤسسات عمومية توفر تسهيلات لمرافقة المواطنين في مكافحة الوباء و في إطار إجراءات مكافحة الوباء, قامت مؤسسات عمومية على غرار سوناطراك و سونلغاز و بريد الجزائر و سيال و نفطال و مؤسسات التأمين, باتخاذ العديد من الإجراءات الإستثنائية لمرافقة المواطنين في مكافحة الوباء, و هذا بتوفير بشكل طبيعي لكل الخدمات من كهرباء و غاز و ماء و انترنت و البنزين, زيادة على إعفاء المواطنين من تخليص الفواتير في فترة الحجر الصحي دون قطع الخدمات و تمديد عقود تامين السيارات تلقائيا لفائدة مؤمني ولاية البليدة و توفير وسائل الدفع الإلكتروني مجانا تحت خدمة التجار و المواطنين لتفادي استعمال النقود التي تعتبر من وسائل نقل الفيروس. كما تجندت مؤسسات عمومية اخرى على غرار "جيتاكس" و اغروديف" و ديفاندوس" لمضاعفة انتاجها و السهر على كل متطلبات المواطنين و ضمان توفرها في السوق. و في ميدان النقل, اعلنت مؤسسات عمومية, على غرار مؤسسة النقل الحضري و الشبه حضري لولاية الجزائر, على ضمان توفير النقل طيلة ايام الاسبوع و بصفة مجانية لكل الاطباء و مستخدمي قطاع الصحة من و الى المستشفيات و هذا لتسهيل تنقلهم و عملهم في فترة تفشي الوباء التي نتج عنها توقيف مؤقت لكل وسائل النقل العمومية و الخاصة لتفادي انتشار الوباء. كما بادرت هيئات عمومية اخرى, كمجمع نقل البضائع و اللوجيستيك (لوجيترانس) على تقديم هبة لفائدة مستشفى بوفاريك بولاية البليدة تتمثل في مجموعة من العتاد و التجهيزات الطبية لدعم مستخدمي هذه المؤسسة الاستشفائية في مهامهم لإعانة المصابين بفيروس كورونا. و زيادة على ارجاء تخليص مستحقات الإيجار لمدة شهر في صالح المواطنين القاطنين بأحيائها, قامت الوكالة الوطنية لتحسين السكن و تطويره, بتقديم مجموعة من العتاد و التجهيزات الطبية و سيارات الإسعاف للمؤسسات الاستشفائية لولاية البليدة و التي تحصلت عليها من قبل مؤسسات انجاز خاصة تعمل على مستوى مشاريعها السكنية على المستوى الوطني. من جهتهم, تضامن متعاملو الهاتف النقال كذلك لمرافقة السلطات العمومية و المواطنين في مكافحة الوباء, كالمتعامل "جيزي" الذي خصص هبة تقدر ب 42 مليون دج لاقتناء عتاد و تجهيزات طبية توجه للمؤسسات الإستشفائية لولاية البليدة, في حين اعلن المتعامل "موبيليس" عن عروض اتصالات و انترنت مجانية لمرافقة سكان ولاية بليدة في فترة الحجر الصحي. برلمانيون, مؤسسات خاصة و جمعيات يتجندون للتضامن و كمساهمة منهم في المجهود الوطني المبذول من اجل مجابهة انتشار فيروس كورونا, اعلن بعض النواب البرلمانيون بالتبرع براتب شهري للمساهمة في العمليات الانسانية الهادفة الى مكافحة انتشار وباء كورونا, بالإضافة الى قرار مجلس الامة الذي اعلن التنازل عن نسبة من التعويضة البرلمانية الشهرية الصافية التي يتقاضاها أعضاء المجلس والإطارات السامية به لصالح مكافحة انتشار وباء كورونا. من جهته, اعلن القطاع الخاص تجنده لجانب الشعب الجزائري في مواجهة فيروس كورونا, و هو الحال بالنسبة لمجمع "سفيتال" أو منتدى رؤساء المؤسسات الذي اعلن مباشرته لعدة اعمال منها مضاعفة قدرات انتاج المؤسسات العضوة و تخفيض اسعار منتوجاتها للمواطنين أو مجمعات خاصة اخرى التي تعهدت بإقتناء عتاد و تجهيزات طبية توجه للمؤسسات الإستشفائية. كما بادر العديد من اصحاب الفنادق الخواص بوضع فنادقهم تحت تصرف السلطات الصحية لاستقبال المواطنين العائدين من الخارج في إطار الحجر الصحي للتقليل من الضغط الذي عرفته المؤسسات الاستشفائية في إطار هذه العملية. و بادر نادي المقاولين و الصناعيين "متيجة" بالبليدة بالتبرع بكمية من المواد الغذائية واسعة الاستهلاك لفائدة العائلات المعوزة في التفاتة تضامنية تزامنا مع الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد وخاصة البليدة بسبب تفشي وباء فيروس كورونا, حيث تبرع اعضاءه بمختلف انواع المعجنات, على الجمعيات الخيرية التي تتكفل بمهمة توزيعها على العائلات المعوزة. و في هذا الإطار قدمت مؤسسة "ماما" المختصة في الصناعات الغذائية 20 ألف كلغ من الدقيق و الكسكس, كما تبرعت مؤسسة 'سوسيمي" هي الأخرى ب 20 ألف كلغ من منتوج المكرونة, و تبرعت عدة مؤسسات مختصة في مواد التنظيف ب20.000 لتر من مادة جافيل لمساعدة السلطات الولائية على تعقيم وتطهير مختلف شوارع الولاية, في حين اعلنت مؤسسة "نيسلي" انها ستتكفل بتموين المستشفيات و كافة المؤسسات الصحية بالمياه المعدنية. مؤسسة التأمين, "اليانس اسيرونس", اعلنت هي كذلك تضامنها مع سكان ولاية البليدة الذين دخلوا في عملية حجر صحي عام لمدة عشرة (10) ايام وذلك بضمان تمديد تلقائي ومجاني لعقود تامين سياراتهم لمدة خمسة عشر (15) يوما". و يضاف الى هذا المبادرات الفردية من قبل رجال الاعمال, كتلك التي اعلن عنها رجل الاعمال, جيلالي مهري, الذي بادر بتقديم مبلغ 500 الف دولار لإقتناء عتاد و تجهيزات طبية توجه للمؤسسات الإستشفائية. المجتمع المدني و الشباب يضاعفون الانخراط في العمل التطوعي كما تضاعفت الأعمال التطوعية, على مستوى الاحياء و التجمعات السكنية, لمواجهة هذا الخطر الجماعي الداهم, ومن بين هذه الأعمال الخيرية و التطوعية، توفير أقنعة الحماية أو تنظيف وتعقيم الفضاءات المشتركة أو توفير المواد الغذائية للمواطنين بأسعار مناسبة أو بشكل مجاني. وفي هذا الخصوص كانت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري, السيدة بن حبيلس, قد صرحت ان الهلال الاحمر الجزائري باشر بتوزيع مختلف الهبات التي تحصل عليها, خصوصا أقنعة جراحية وأطقم فحص فيروس كورونا , مشيرة الى ان الهلال يحصي يملك اكثر من ثلاثين الف متطوع في الميدان. كما تشهد مبادرات أخرى، من قبيل رش المياه و مختلف المعقمات في الشوارع و مقابض وأبواب المحلات و أرضيات الأسواق, إقبالا واسعا من طرف المواطنين و المؤسسات, ابرزها "مجمع طحكوت" الذي وفر الصهاريج و الشاحنات لتعقيم احياء الجزائر العاصمة, و "هنكل الجزائر" الذي تبرعت 50.000 لتر من ماء جافيل للصيدلية المركزية للمستشفيات من اجل حاجيات تعقيم المؤسسات الاستشفائية. و عرفت هذه المبادرات إقبال كبير من قبل الشباب الذين يملؤون أوقات فراغهم في أعمال ذات منفعة عامة بعد تزايد نداءات الانخراط في العمل التطوعي التي تغص بها صفحات الاتصال التي تدعوا الى العطاء و السخاء و التضامن و التكافل الاجتماعي في هاته الاوقات العصيبة التي تعرفها الجزائر بسبب وباء كورونا. و أشاد رئيس الجمهورية, في منشور له على صفحته بمواقع التواصل الإجتماعي, بالسلوك الوطني الانساني الذي تميز به الشعب الجزائري في اوقات الشدة التي تواجه فيه الجزائر وباء فيروس كورونا, و هو السلوك الذي يكشف عن "درجة عالية من روح المواطنة والمسؤولية". و قال السيد تبون "أحيي كل فاعلي الخير من المواطنين والمواطنات في الداخل والخارج، الذين يتسابقون في التعبير عن رغباتهم لمساعدة المستشفيات، والمواطنين الذين تأثروا بإجراءات العزل الإجباري، وتقييد التنقل في هذه المحنة التي تواجه فيها الجزائر وباء كورونا فيروس", موجها شكره "لكلّ الذين بادروا منذ الأيام الأولى إلى حملات التنظيف والتعقيم والتوعية عبر الوطن، أفرادا وجمعيات مدنية، وجماعات محلية".