تتواصل الاحتجاجات الشعبية بالولاياتالمتحدة تنديدا بالميز العنصري واستخدام الشرطة للقوة المفرطة, على خلفية مقتل المواطن الأمريكي من أصول إفريقية, جورج فلويد, وسط مخاوف من امتدادها لولايات أخرى بما يؤثر على استعدادات الاستحقاق الرئاسي المقبل المقرر في 3 نوفمبر المقبل. فبعد أكثر من أسبوع على هذه المظاهرات التي امتدت إلى دول أخرى, عززت عشرات المدن الأمريكية إجراءاتها الأمنية ومددت حظر التجول الليلي, غير أن موجة الغضب استمرت في تحد لهذا الحظر الذي يعد الأكبر منذ عام 1968, مما أدى إلى اعتقال أكثر من 4 آلاف شخص منذ 26 مايو الماضي, بحسب شبكة (سى إن إن) الأمريكية. كما استدعت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) 1500 عنصر من الحرس الوطني من خمس ولايات, بهدف نشرهم في العاصمة واشنطن, ويأتي هذا التحرك بعد أن هدد الرئيس دونالد ترامب باستخدام الجيش في مكافحة العنف الذي يندلع غالبا في الليل بعد نهار من الاحتجاجات السلمية التي ينضم إليها مختلف الأمريكيين. وقبيل ستة أشهر فقط من هذه الانتخابات, لم يتعاف البلد بعد من آثار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) حتى تحولت الاضطرابات التي شهدتها مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا ومدن أخرى إلى أعمال عنف ونهب ومواجهات بين المحتجين والشرطة. وعلى الصعيد السياسي, كان الناخبون الأمريكيون قد توجهوا يوم الثلاثاء 3 مارس الماضي إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في ما يعرف ب"الثلاثاء الكبير" الذي يشكل الاختبار الحقيقي الأول لجماهيرية المرشح الذي يطمح إلى الفوز في سباق التنافس على رئاسة الولاياتالمتحدة, ومع أن هذه الانتخابات التمهيدية تشبه إلى حد كبير الانتخابات المقبلة, إلا أنها قد لا تشكّل الفيصل الذي سيحسم هوية المنافس الديمقراطي في مواجهة الرئيس الجمهوري, دونالد ترمب. من ناحية ثانية, فإن ترامب لا يواجه بالفعل خصماً جدّياً داخل حزبه في معركة تجديد ولايته الثانية والأخيرة لأن تسميته رسمياً ستبقى مؤجلة حتى يحين "مؤتمر الحزب الجمهوري"المبرمج عقده يوم 24 أغسطس المقبل. وتوجه الناخبون الديمقراطيون إلى لجان الاقتراع لاختيار المرشح, حيث حقق بايدن انتصاراً ساحقاً, وخلفه ساندرز فيما خرج بلومبرج من السباق تماماً, ولم تحقق المرشحة إليزابيث وارن نسبة مهمة. وبشكل عام, يحتاج المتنافس في السباق الانتخابي إلى الفوز بأغلبية ساحقة من أصوات المندوبين البالغ عددهم 1991, كي يترشح عن الحزب الديمقراطي, لينافس الرئيس الأمريكي ترامب. كما أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "أي بي سي" وصحيفة "واشنطن بوست" خلال الفترة بين 22 إلى 25 مارس الماضي على 845 ناخبا أمريكيا, تقدم جو بايدن على الرئيس ترامب, وحصل بايدن على 49 بالمائة من أصوات المستطلعين مقابل 47 بالمائة لصالح ترامب. == ترامب ومنافسه بايدن يستغلان الاحتجاجات في سباقهما الانتخابي == وأوضح محللون سياسيون أنها "ليست المرة الأولى التي يخرج فيها المجتمع الأمريكي للمواطنين ذوي الأصول الافريقية للتعبير عن مطالبهم ومظالمهم , لكن الجديد في الأمر, حسبهم, هو السعي المحموم لتوظيف الحادثة من أطراف منافسة وأخرى تهاجم سياسات ترامب الجمهوري وتسعى الى "إنهاء العهد الامريكي الحالي" في الاستحقاق الرئاسي . واعتبروا إن "خصوم ترامب سيستخدمون الأزمة في الانتخابات المقبلة بشكل كبير لاسيما في ظل وجود مجموعة من الموالين له يعتقدون أن هذه الطريقة التي يستخدمها لا تؤدي إلى الحل, حيث اتخذ خطوات يتم رفضها من أوساط مختلفة من السياسيين وحتى بين الجمهوريين والقريبين منه ... إن حديث ترامب بشأن أن الحكام في الولايات كانوا ضعفاء في مواجهة هذه الحركات تم تفسيرها بأنه يريد عنفًا أكثر وتلك التصريحات ليست حلا الآن ". فالمرشح الديمقراطي للانتخابات الرئاسية جو بايدن, اتهم أمس الرئيس الجمهوري دونالد ترامب بتحويل الولاياتالمتحدة إلى "ساحة معركة" بهدف الفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقبلة. لكن المختصون في الشأن السياسي الأمريكي يرون أيضا أنه "من الصعب التوقع والجزم بأن ترامب سيخسر أو سيفوز بالانتخابات, وأنه ليس من السهل معرفة تأثير هذه الاحتجاجات على نتائجها" .. مضيفين أنه "سيستغلها لتحشيد قاعدته الانتخابية وصرف الأنظار عن التحديات التي تواجه إدارته في ظل تراجع شعبيته بين الجمهوريين المعتدلين والمستقلين خاصة وأن استراتيجيته هي ضمان أعلى نسبة إقبال بين مناصريه مقابل خفض هذه النسبة بين مناصري الحزب الديمقراطي". وتضيف هذه المصادر بالقول "لكن غياب المرشح الديمقراطي جو بايدن عن الساحة قد لا يضمن استغلال الديمقراطيين لأخطاء ترامب المتكررة, فان التحدي الكبير بين الديمقراطيين هو غياب مرشح يواكب هذه التطورات المتسارعة من فيروس كورونا الى الاحتجاجات الشعبية بعد مقتل فلويد, لا سيما أن السلطات المحلية في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا, هي من الحزب الديمقراطي, وهي أيضا فشلت في التعامل مع مقتل فلويد, مما ترك الساحة لترامب كي يستغل هذا الفراغ في القيادة ... لكن فشل الديمقراطيين في هذه الولاية لا يعني أن تأثيره على حظوظهم في الانتخابات سيكون سيئا بالنسبة لهم". == باراك أوباما يدعو الى دعم المرشح الديمقراطي جو بايدن == يأتي ذلك في وقت يساند الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما, (وهو ديمقراطي تولى الرئاسة لفترتين قبل إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب), الى جانب عدد من المسؤولين الأمريكيين السياسيين ومن قطاعات أخرى هذه الاحتجاجات, حيث طالب أوباما المتظاهرين في البلاد بتوجيه غضبهم انتخابيا, عبر اختيار مسؤولين "يستجيبون لمطالبنا". ففي مقال نشره عبر منصات تواصل اجتماعي, دعا أوباما وهو أول رئيس للولايات المتحدة من أصول أفريقية المتظاهرين إلى "توجيه غضبنا المبرر إلى عمل سلمي ومستدام وفعال". وكتب أوباما في مقال نشرته منصة "ميديام" الإلكترونية أن الغالبية العظمى من المحتجين سلميين لكن "أقلية صغيرة" تعرض الناس للخطر وتُلحق الضرر بنفس المجتمعات التي تهدف الاحتجاجات لدعمها, مضيفا أن العنف يزيد من الدمار في الأحياء التي تعاني فعلا على الأغلب من نقص الخدمات والاستثمارات ويصرف الانتباه عن القضية الأكبر". وفي مكالمة هاتفية أجراها في وقت سابق مع عدد من أعضاء سابقين في إدارته, طالب أوباما أنصاره بالوقوف صفا واحدا خلف جو بايدن المرشح الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية المقبلة . وقال أوباما في المكالمة التي كشف عنها موقع "ياهو نيوز" إنه "يريد لعب دور أكبر لدعم بايدن في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل", موضحا إن "الانتخابات مهمة جدا لأننا ما سنخوض حربا ضده ليس فقط فرد بعينه أو حزب بعينه, سنخوض معركة ضد توجهات طويلة الأجل تفشت فيها الأنانية والانقسام والفرقة والنظر إلى الآخرين كأعداء".