دعا الخبير في البيداغوجيا, أحمد تيسة, يوم الأربعاء إلى "إعادة التأسيس" لمنظومة تربوية جديدة تعتمد على تطوير الكفاءات الذهنية للتلميذ بدل الحفظ, مؤكدا أن نظام التقييم القائم على الامتحانات والتنقيط "يشجع أكثر على الغش". و أوضح السيد تيسة في تصريح لوأج غداة اعلان وزارة العدل عن متابعة 22 شخصا قضائيا بسبب الغش في امتحانات البكالوريا للدورة الحالية, أن "ظاهرة الغش ظلت مرتبطة بالامتحانات منذ الأزل, إلا ان الوسائل تختلف", مشيرا إلى أن الدراسات النفسية أثبتت أنه كلما "منع الانسان من أمر ما كلما زادت الرغبة في تحقيقه". و اعتبر الخبير أن الاجراءات الصارمة المتخذة في تأمين امتحان البكالوريا من شأنها "دفع التلاميذ إلى الغش سواء كان الامر بوسائل الغش التقليدية أو الحديثة", لان الغش -كما قال- مرتبط بالامتحان. وأكد في هذا الصدد, على "اعادة التأسيس" لمنظومة تربوية جديدة بشكل يتلاءم مع الطرق الحديثة في التعليم, مبرزا أن نظام الامتحانات الذي تعتمده الجزائر على غرار العديد من الدول الفرنكوفونية, يعود إلى القرن ال 19 وأنشأته فرنسا في عهد نابليون بونابرت الذي أسس لنظام التنقيط . وبرأي هذا الخبير, فإن الاعتماد على الامتحانات في تقييم التلاميذ "طريقة خاطئة", نظرا لوجود طرق أخرى أكثر نجاعة وأقل تكلفة, داعيا إلى الاعتماد على تطوير ذكاء التلميذ من خلال "تعويد ذهنه على الفكر النقدي والخلاصة أو التلخيص و البرهان ليتمكن في الاخير من الابداع". وحسبه, فان الاعتماد على ذكاء التلميذ "غير مكلف" في حين تكلف الامتحانات "200 مليار سنتيم سنويا دون احتساب الاجراءات الامنية الملازمة للامتحانات. واعتبر في هذا الصدد أن هذه التكاليف يمكن تفاديها باتباع طرق مدروسة وحديثة, سيما وأن "ما بين 50 إلى 60 بالمائة من الناجحين في البكالوريا يعيدون السنة الاولى جامعي". وذكر السيد تيسة بأن الامتحانات الوطنية التي تستغرق حوالي شهرين كاملين, تؤثر على التحصيل العلمي للتلميذ, والذي قدره المختصون بحوالي سنتين من التأخر من مجموع (13 سنة دراسة), اضافة إلى كثافة الدروس الملقنة للتلميذ الجزائري مقارنة بغيره في العالم. اقرأ أيضا : الغش في امتحانات البكالوريا: إيداع 18 شخصا الحبس من جهتها, فسرت فتيحة باشا, عضو المكتب الوطني للجمعية الوطنية لأولياء التلاميذ, ظاهرة الغش في الامتحان ب"تراجع القيم الاخلاقية والدينية لدى التلاميذ والاسرة بصفة عامة", داعية الى "تحيين المنظومة التربوية بشكل يسمح بتوظيف الكفاءات الفردية للتلميذ". و اعتبرت أن الاخلاق التي تبنى انطلاقا من الأسرة كفيلة بتفادي المصاريف الكبيرة المخصصة للامتحانات من أجهزة تشويش و مراقبة وتجنيد هذا الحجم من الموارد البشرية في مراقبة وتأمين الامتحان و الممتحنين, قائلة "إذا كان الفرد متخلقا فلا يحتاج لمن يحرصه لإجراء الامتحان" . للإشارة, أعلنت وزارة العدل في بيان لها أمس الثلاثاء عن متابعة 22 شخصا لارتكابهم أفعالا تتعلق بالغش في امتحانات شهادة البكالوريا, مع الأمر بإيداع 18 منهم الحبس. وأشارت الوزارة إلى أنه "صدرت ضد ثلاثة منهم أحكام قضائية بالحبس لمدة سنة نافذة مع غرامة مالية قدرها 100 ألف دينار, في انتظار محاكمة البقية". كما لفتت إلى أن أعمال الغش المذكورة "قد تمت معاينتها باختصاص مجالس قضاء تبسة وغرداية وسطيف وتسمسيلت والشلف وبشار والجلفة". وتتمثل الوقائع المسندة إلى هؤلاء في "نشر مواضيع امتحانات البكالوريا باستعمال وسائل الاتصال عن بعد, وهي الوقائع التي حرصت على رصد أغلبها والتبليغ عنها الهيئة الوطنية للوقاية من الجرائم المتصلة بتكنولوجيات الإعلام والاتصال ومكافحتها التي تبقى بالمرصاد لضمان التأمين الشامل لهذه الامتحانات". قانون العقوبات المعدل في 2020 يقضي بالحبس والغرامة المالية للغشاشين ووفق ما جاء في الفصل 9 من العدد 25 من الجريدة الرسمية الصادر في 29 ابريل 2020 حول" المساس بنزاهة الامتحانات والمسابقات"، فإنه طبقا للمادة 253 مكرر6 من قانون العقوبات, يعاقب بالحبس من سنة (1) إلى 3 سنوات وبغرامة تتراوح ما بين 100 ألف إلى 300 ألف دج, كل من قام, قبل أو اثناء الامتحانات أو المسابقات, بنشر أو تسريب مواضيع و/ أو أجوبة الامتحانات النهائية للتعليم الابتدائي أو المتوسط أو الثانوي أو مسابقات التعليم العالي أو التعليم والتكوين المهنيين والمسابقات المهنية الوطنية, كما يعاقب بنفس العقوبات كل من يحل محل المترشح في الامتحانات والمسابقات. و نصت المادة 253 مكرر7 بأن العقوبة تكون من 5 الى 10 سنوات والغرامة من 500 ألف دج إلى 1.000.000 دج، إذا ارتكبت الأفعال المنصوص عليها في المادة 253 مكرر 6 من قبل الأشخاص المكلفين بتحضير أو تنظيم أو تأطير الامتحانات والمسابقات أو الاشراف عليها، أو من قبل مجموعة أشخاص أو باستعمال منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات، أو باستعمال وسائل الاتصال عن بعد. كما نص نفس الفصل على أنه "يحكم بمصادرة الأجهزة والبرامج والوسائل المستخدمة في ارتكاب الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل والأموال المتحصلة منها وإغلاق الموقع الإلكتروني أو الحساب الإلكتروني الذي ارتكبت بواسطته الجريمة أو جعل الدخول إليه غير ممكن وإغلاق محل أو مكان الاستغلال إذا كانت الجريمة قد ارتكبت بعلم مالكه". من جانبها, تتخذ وزارة التربية الوطنية اجراءات ردعية أخرى حول الغش في البكالوريا, بمنع المترشح النظامي من المشاركة في هذا الامتحان لمدة 5 سنوات بينما يمنع المترشح الحر من المشاركة فيه لمدة 10 سنوات.