أكد أساتذة جامعيون وحقوقيون وخبراء عسكريون اليوم السبت بالجزائر العاصمة, أن احداث الكركرات كانت محاولة مغربية لتحريك الرمال الراكدة, محذرين من استخدام المغرب حرب الجيل الرابع لتدمير الاوطان. وخلال ندوة نظمها المعهد الوطني للدراسات الاستراتيجية الشاملة تحت عنوان "الكركرات : سنة من بعد", بمناسبة مرور السنة الاولى من خرق المغرب لاتفاق وقف اطلاق النار في 13 نوفمبر 2020, أكد استاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية, مصطفى صايج, في مداخلته حول الانعكاسات الامنية والدبلوماسية ما بعد الكركرات أن أحداث الكركرات كانت محاولة من المغرب لتحريك الرمال الراكدة التي عمد الى الابقاء عليها منذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار سنة 1991. و ركز الأستاذ صايج في مداخلته على اهمية ما بات يعرف بحروب "الجيل الرابع", قائلا : "اننا اليوم امام جيل جديد من الحروب التي تدمر الاوطان, باستخدامها للفضاء الرقمي لإثارة الصراعات داخل المجتمعات", مستدلا في السياق بمحاولة الكيان الصهيوني اللعب على وتر الانفصال الداخلي مثلما فعل من قبل مع حركة "الماك" الارهابية. بالنسبة للسيد صايج, فإن تحالف المغرب مع الكيان الصهيوني ينم على "مؤشر ضعف وليس قوة باعتبار ان النظام الملكي يحاول الاحتماء بالكيان الاسرائيلي من أجل ضمان استمراريته في ظل المتغيرات التي تطرأ على الانظمة الملكية". كما انتقد المتحدث في مداخلته قرار مجلس الامن الدولي الاخير, الذي اعتبره "أجوفا و انتكاسة خطيرة على امن المنطقة المغاربية والساحلية ككل لا سيما و أنه في ظل التصعيد لا يزال يسير في نفس اتجاه المماطلة وتعطيل الحل بسبب الدور الذي يلعبه اللوبي الاسرائيلي وبعض القوى الاستعمارية في الكواليس". وهنا شدد السيد صايج على ضرورة ان يضطلع الاتحاد الافريقي بدور فعال في تسوية النزاع في الصحراء الغربية والضغط على الاطراف للعودة الى طاولة المفاوضات لتسوية سياسية للقضية الصحراوية التي تواجه اليوم أطرافا لا تريد حلا لها. أما الاستاذ احمد عظيمي, الخبير في الشؤون العسكرية, فأكد من جهته أن أحداث الكركرات جاءت بعد ثلاثة عقود من حالة السلم التي تمت بالاتفاق بين الجانبين (المغرب وجبهة البوليساريو) من اجل تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية, غير ان الاوضاع آلت الى غير ذلك و ادخلت القضية في مرحلة جديدة من المماطلة. و أبرز السيد عظيمي اهمية منطقة الكركرات التي قال ان "لديها اهمية خاصة جدا ضمن ما يعرف باستراتيجية تمدد المخزن والتي تسجل ضمن المشروع المغربي للتمدد والتوسع في كل المنطقة المغاربية ليصل الى السنغال ويشمل اراضي الصحراء الغربية وموريتانيا و اجزاء من الجزائر". اقرأ أيضا : السفير الصحراوي بالجزائر: استهداف الرعايا الجزائريين كان عملا مدبرا لخدمة أجندات أجنبية توسعية وهنا قال الاستاذ الجامعي أن "هذا النظام التوسعي شبيه في استراتيجيته بالنظام الصهيوني الذي يعتبر الدولة الوحيدة التي لا حدود ثابتة لها والتي ترى في حدودها انها تمتد من النيل الى الفرات". ولهذا الغرض, اعتبر السيد عظيمي ان قضية الصحراء الغربية لا تعتبر فقط قضية تصفية استعمار فحسب و انما هي ايضا قضية "أمن قومي" بالنسبة للجزائر التي تتقاسم حدودا مع دولة ليس لديها حدودا لترابها ولا لأطماعها. كما أبرز "أهمية منطقة الكركرات بالنسبة للمغرب والتي يعتبرها بوابة ولوج افريقيا باعتبارها الممر الوحيد نحو افريقيا وبالتالي الى آسيا لتسويق منتجاته الفلاحية, والمخدرات التي يعتمد عليها الاقتصاد المغربي", مذكرا في هذا الشأن أن المملكة تنتج ما قيمته 12 مليار دولار من المخدرات, حسب تقديرات الاممالمتحدة. وفي هذا المقام, تطرق أحمد عظيمي الى حادثة اغتيال الرعايا الجزائريين الثلاث من قبل السلطات المغربية, بعد استهداف شاحناتهم في الطريق الرابط بين ورقلة و موريتانيا, مؤكدا انها "رسالة من المغرب الذي يحاول ترهيب كل من تسول له نفسه العبور بالقرب من هذه المنطقة الاستراتيجية والحساسة بالنسبة له ومنعه من الدخول الى السوق الموريتانية". وبخصوص تخوفات البعض من الدعم العسكري الاسرائيلي للمغرب, اكد السيد عظيمي أنه "لا توجد اي قوة في العالم يمكنها ان تقهر وتقف في وجه ارادة وعزيمة اي شعب يريد التحرر". بدوره, شدد بوجمعة صويلح, استاذ القانون الدولي, في مداخلة له ان "الاستعمار الجديد يحاول ان يضرب السلم و الامن الدوليين بأساليب جديدة", مؤكدا ان "الاهم اليوم بعد سنة من العودة الى الحرب في الصحراء الغربية هو التنبؤ بما ستكون عليه الاوضاع مستقبلا". وبعد ان أكد ان الجانب القانوني لقضية الصحراء الغربية باعتبارها قضية تصفية استعمار, واضح لدى قرارات الاممالمتحدة او محكمة العدل الدولية و المحاكم الاوروبية وحتى بالنسبة للاتحاد الافريقي, شدد على ان المعركة اليوم هي "المطالبة بالسيادة على الاراضي الصحراوية". ودعا السيد صويلح إلى "ضرورة ان يركز الشعب الصحراوي من خلال ممثله الشرعي جبهة البوليساريو على تنظيم ورشات عمل من اجل مطالبة المغرب بسيادته على مجاله الجوي و الارضي والمائي, لا سيما و ان القانون الدولي واضح في هذا المجال ويوفر الحماية الضرورية لأي دولة مستعمرة لحماية حقوقها في استرجاع ممتلكاتها".