قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش"، يوم الخميس، أن الصحفي المغربي عمر الراضي حرم من محاكمة عادلة أدت الى خروقات عديدة والحكم عليه بست سنوات سجنا بتهمتي "التجسس" و"الاغتصاب"، داعية السلطات المغربية إلى منحه "المحاكمة العادلة والمحايدة التي حرم منها حتى الآن". ففي 19 يوليو 2021, أدانت محكمة الدار البيضاء الابتدائية, عمر الراضي, وهو صحفي وناشط حقوقي حائز على جائزة في التحقيق الاستقصائي, بتهمتي "الاغتصاب" و"التجسس", وحكمت عليه بالسجن ست سنوات. كما تم تغريمه ب 200 ألف درهم (20 ألف دولار أمريكي) كتعويض لصاحبة شكوى الاغتصاب. وحكم على عماد ستيتو, وهو صحفي زميل للراضي حوكم معه بوصفه "مشاركا" في قضية الاغتصاب, بعام سجن, منها ستة أشهر موقوفة التنفيذ. و استأنف الاثنان الحكم. ولا يزال ستيتو حرا في انتظار صدور حكم الاستئناف. مثل الراضي, الذي يقبع في سجن عكاشة بالدار البيضاء منذ اعتقاله في يوليو 2020, أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في 4 نوفمبر, غير أن الجلسة تأجلت إلى يوم الخميس. وقد شابت محاكمة الراضي خروقات عديدة لمعايير المحاكمة العادلة, منها رفض المحكمة غير المبرر لفحص أدلة والاستماع إلى شهود لصالح الراضي, وعدم السماح لمحاميه باستجواب شاهد الادعاء, و استند الحكم المكتوب, الذي اطلعت عليه "هيومن رايتس ووتش", على تكهنات وحجج تخمينية بشكل كبير. ونفى الراضي, الذي يعاني منذ سنوات من مضايقات السلطات, جميع التهم المنسوبة إليه. وفي هذا السياق, قال إريك غولدستين, مدير الشرق الأوسط وشمال افريقيا في "هيومن رايتس ووتش" : "بعد سنوات من مضايقات الشرطة التي توجت بمحاكمة أشبه بالمهزلة, يقضي عمر الراضي الآن سنته الثانية وراء القضبان بدل أن يقوم بعمله, أي إعداد تقارير صحفية عن الفساد في الدولة. تزعم السلطات المغربية أن هذه قضية "تجسس" وليست مجهودا لإسكات أحد آخر الصحفيين المعارضين في البلاد, لكن الخطة مكشوفة أمام الجميع". ونشر الراضي مقالات عدة حول استيلاء مضاربين على أراض عمومية, وفجر فضيحة الفساد المعروفة ب"خدام الدولة", التي فضحت حوالي 100 شخص, من بينهم مسؤولون سامون, يزعم أنهم حصلوا على أراضي الدولة بجزء ضئيل من قيمتها السوقية. خلال برنامج حواري عام 2018, انتقد الراضي مسؤولا أمنيا كبيرا بالاسم, وقال إن وزارة الداخلية احتضنت "أكبر عملية رشوة على الإطلاق" في المغرب, و"ينبغي حلها". وقبل اعتقاله ومحاكمته, تم احتجاز الراضي ومحاكمته و إدانته بسبب "تغريدة", و اخترق هاتفه المحمول بواسطة برنامج تجسس, وتعرض لحملة تشهير شرسة على مواقع مرتبطة بأجهزة الأمن, وكان ضحية اعتداء جسدي مشبوه. ==أدلة واهية لتبرير إدانة الراضي== و أدين الصحفي المغربي ب"المس بسلامة الدولة الداخلية والخارجية" من خلال أعمال "تجسس" لصالح شركات ومنظمات ودول أجنبية, منها هولندا وبريطانيا. وفي هذا السياق, لم تجد "هيومن رايتس ووتش" في مراجعتها لملف القضية أي دليل على أن الراضي قام بأي شيء سوى أعمال صحفية وأبحاث اقتصادية عادية والتواصل مع دبلوماسيين, كما يفعل العديد من الصحفيين والباحثين بشكل روتيني. "لا يتضمن الملف أي دليل على أن الراضي قدم معلومات سرية إلى أي شخص, أو حتى حصل على مثل هذه المعلومات أصلا". وخلال المحاكمة, نفى رجل في رسالة إلى المحكمة ادعاء وكيل الملك بأنه "جاسوس أجنبي" مكلف ب"الحصول على معلومات سرية" من عند الراضي, وطلب الإدلاء بشهادته دفاعا عن الراضي. غير أن القاضي تجاهل دون مبرر نفي الرجل وطلبه بالشهادة. كما أدين الراضي بتهمة اغتصاب زميلة له في "لو داسك", وهو موقع إخباري كان يعمل به, و رغم أن جريمتي الاغتصاب والتجسس المزعومتين غير مرتبطتين, فقد ضمتهما المحكمة معا في قضية واحدة. "وتلاحق السلطات المغربية قضايا العنف الجنسي بوتيرة منخفضة. ينبغي التحقيق بجدية في جميع ادعاءات الاعتداء الجنسي, وتقديم المسؤولين عنها أمام العدالة, وتوفير محاكمة عادلة لكل من صاحب الشكوى والمتهم". إلا أن المحكمة حرمت الراضي من "تكافؤ الفرص" الذي يمنح الطرفين نفس السبل لعرض قضيتهما, وهو شرط أساسي لمحاكمة عادلة بموجب المعايير الدولية. "منعت السلطات الراضي من الحصول على ملف قضيته لمدة 10 أشهر. كما استبعدت شهادة شاهد الدفاع الرئيسي في قضية المشاركة في الاغتصاب", رغم أن صاحبة الشكوى لم تتهم الشاهد بالمشاركة, ولم تقدم أي أدلة ضده إلى المحكمة. كما رفضت المحكمة السماح باستجواب شاهد الادعاء, ورفضت سماع أحد شهود الدفاع الرئيسيين في قضية التجسس. وقالت المنظمة إن قضية الراضي "جزء من نمط اعتقال واحتجاز ومحاكمة السلطات المغربية لصحفيين, أو نشطاء, أو سياسيين مستقلين بسبب كتاباتهم النقدية وعملهم, بموجب تهم مشكوك فيها تشمل الجرائم الجنسية, وغسل الأموال وخدمة أجندة أجنبية". وقال مدير الشرق الأوسط وشمال افريقيا في "هيومن رايتس ووتش": "الاغتصاب والاعتداء الجنسي جريمتان خطيرتان تستحقان تحقيقات جادة وإجراءات عادلة. إذا أرادت السلطات المغربية أن تثبت أنها تحاسب عمر الراضي مثل أي مواطن آخر, وإبعاد الشكوك بأنها توظف المحاكم لسجن معارض تحت تهم واهية, فعليها أن تمنح الراضي المحاكمة العادلة والمحايدة التي حرم منها حتى الآن".