سلطت جمعية حقوقية مغربية الضوء على الخروقات الإنسانية للمخزن ضد المهاجرين واللاجئين الأفارقة بالمملكة، منددة بتجاهل السلطات المغربية التكفل بهم في وقت تستغل شبكات الاتجار بالبشر الأوضاع لتصطاد المزيد من الضحايا. وكشفت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (اقليم الناظور)، في تقرير لها نشرته أمس الأحد، أن السلطات شنت السنة الماضية حملات تعقب و اعتقالات في وسط المهاجرين الأفارقة الوافدين من دول جنوب الصحراء، وذلك من قبل مساعدين للسلطة يرتدون ملابس مدنية باستخدام سيارات شخصية لا تحمل علامات. وأفادت الجمعية في تقريرها حول "خروقات سنة 2022" أنه تم نقل ما يقرب من 200 مهاجر من جنوب الصحراء والسودان، قبض عليهم على الحدود مع مليلية خلال محاولة عبور السياج في يونيو 2022 من قبل حوالي 2000 منهم، في 7 حافلات إلى مركز الاحتجاز غير القانوني في قرية أركمان، بمنطقة الريف. وأشارت الجمعية الحقوقية إلى أن من بين هؤلاء، تم ترحيل ما يقرب من 50 مهاجرا بشكل قسري من قبل السلطات الإسبانية على الرغم من عبورهم الحدود خلال مأساة الناظور/مليلية في يونيو 2022، مسجلة ارتفاع الاعتقالات والترحيل القسري في صفوف المهاجرين بعد التقارب المغربي-الاسباني، حيث يتم ترحليهم نحو مدن الداخل. كما سلطت الضوء على استخدام العنف في حق المهاجرين الذين تمكنوا من عبور السياج الحدودي مع الجيب الاسباني، من طرف الحرس المدني الإسباني، وترحيل عدد منهم بشكل قسري إلى الجانب المغربي. ولفتت إلى أنه تم نقل 30 مهاجرا من جنوب الصحراء، من بينهم 16 امرأة، بعد وصلوهم إلى الجزر الجعفرية، حيث قضوا ساعات في ظروف صعبة وقاسية دون أي تدخل ومساعدة. وتحدثت الجمعية عن انتشار أنشطة شبكات تهريب البشر، حيث سلطت الضوء على نشاطات الأخيرة بين شواطئ إقليم الناظور وجيب مليلية الخاضع للإدارة الاسبانية، لتهجير شباب المنطقة مقابل أموال ضخمة عن طريق القوارب التقليدية. وقدمت أكبر جمعية حقوقية مغربية صورة فظيعة عن مصير هؤلاء المهاجرين الذين يلقون حتفهم وتلفظهم ألسنة البحر على الشواطئ، مستدلة بذلك الطفل البالغ من العمر نحو 15 سنة الذي غرق عند محاولته العبور نحو مليلية، قبل أن تلفظه أمواج البحر، وغيرها من الحالات التي تخص الشباب المغربي. ==انتهاكات حقوق الإنسان بالمغرب أصبحت متواترة وبشكل تصاعدي على جميع الأصعدة== من جهة أخرى، وعلى الصعيد الداخلي، أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، استمرار دفاعها ونضالها في سبيل إقرار حقوق الإنسان في المغرب، ودعمها الدائم لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، التي أصبحت متواترة وبشكل تصاعدي. واتهمت الجمعية، في بيان لها بمناسبة ذكرى تأسيسها الرابعة والأربعين التي صادفت يوم 24 يونيو، الدولة المغربية ب"خرق كافة القوانين المحلية والمواثيق الدولية، بما في ذلك تلك التي صادقت عليها وألزمت نفسها، أمام الآليات الدولية، بإعمالها، وهو ما يتجسد من خلال الاستمرار في الهجوم على الحريات والتضييق على الحق في التنظيم ومحاصرة القوى الديمقراطية والحية السياسية والنقابية والحقوقية، وقمع الحق في حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، ومتابعة وملاحقة ومحاكمة العديد من نشطاء حقوق الإنسان". وأدانت الجمعية "منع الحق في الاحتجاج السلمي، عبر قمع وفض التظاهرات والوقفات الاحتجاجية السلمية في العديد من المناطق بالقوة والعنف، وتسخير القضاء لتصفية الحساب مع العديد من الأصوات الحرة المعارضة والانتقام منهم عبر محاكمات صورية تنتفي فيها شروط ومعايير المحاكمات العادلة". كما أدانت "الاستمرار في الهجوم المتنامي على القوت اليومي للمواطنين وضرب قدراتهم الشرائية، عبر الرفع المتزايد للأسعار في المواد الأساسية، وخاصة المواد الغذائية والمحروقات والأدوية ومواد التنظيف ومواد البناء والنقل وغيرها، ومواصلة تدمير المرفق العمومي عامة، والمدرسة والمستشفى العموميين". وأكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أنه رغم كل الحملات القمعية التي استهدفتها عبر تطورها التاريخي، فإنها ساهمت، إلى جانب كل الفاعلين الحقوقيين والديمقراطيين، في انتزاع مكتسبات حقوقية مهمة، من قبيل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وعودة المنفيين. وشددت على أن هذه المكتسبات تظل هشة وظرفية، في غياب دستور ديمقراطي يفضي إلى إقرار الإجراءات التشريعية الضرورية لضمان حمايتها من التعسفات والانتهاكات، مسجلة التراجع الكبير عن العديد منها كقضية الاعتقال السياسي الذي عاد بقوة في العشرية الأخيرة. وأشارت الجمعية إلى أن الدولة "عمدت إلى إغلاق المجال العام والفضاءات والقاعات العمومية والخاصة في وجه أنشطتها الداخلية والإشعاعية والتنظيمية، وقد اتخذ هذا المنع والتضييق طابعا ممنهجا ومتواترا (...)"، مؤكدة أنه رغم كل العراقيل والمثبطات التي استهدفت وما تزال تستهدفها، فإنها لم ولن تحيد عن سبيل النضال والصمود ومواصلة العمل الحقوقي.