أكدت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن الفقر المستشري في المملكة أصبح "هيكليا وليس ظرفيا" نتيجة انتشار الفساد الاقتصادي و الريع, في ظل فشل السياسات الحكومية في محاربته واستمرار النهب المال العام وغياب مبدأ المحاسبة و الإفلات من العقاب. وقالت الجمعية الحقوقية, في بيان بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر الذي يصادف 17 أكتوبر من كل عام, أن "الفقر في المغرب أصبح هيكليا و ليس ظرفيا أو مرتبطا بتحولات طبيعية أو بأزمات عالمية عابرة". و أوضح البيان أن "المنحى التصاعدي المقلق لظاهرة الفقر يعود الى جملة من الاسباب من بينها سياسة الخوصصة التي اكتسحت عدة مجالات حيوية وحتى الخدمات الاجتماعية وفشل السياسات الاقتصادية القائمة على الفساد والريع وتعميق الفوارق الاجتماعية وتقليص فرص العمل, و هي عوامل لم تفض سوى إلى توسيع دائرة الهشاشة و الاقصاء والرفع من نسبة الفقراء والمعوزين". و حسب ذات الهيئة, فان الكوارث الطبيعية التي هزت المغرب كالفيضانات الاخيرة وزلزال 8 سبتمبر 2023 "كشفت للعالم مدى الفقر الذي يعيش فيه جزء كبير من المغاربة المهمشين والمقصيين من الخطط والبرامج التنموية التي تتغنى الحكومة بتحقيقها و لا تغدو أن تكون سوى مجرد دعاية. كما أزالت الستار عن سياسة التمييز والاستغلال ونهب الثروات من قبل ثلة قليلة من أصحاب النفوذ باستخدام القمع والترهيب والأحكام القضائية الجائرة والزج بمن يحاولون الدفاع عن حقوقهم بالسجون". وأكدت أن القضاء على الفقر المدقع والهشاشة وتجفيف منابعهما "ممكن وهو مرتبط بالقضاء على الفساد ورهين إقامة نظام ديمقراطي", داعية الحكومة إلى "نهج سياسات اقتصادية واجتماعية قادرة على محاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية مع ما يستلزمه هذا من توزيع عادل للثروات ورفع للقدرة الشرائية والزيادة في الأجور". وشددت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان على "وجوب ضمان الحق في الشغل لجميع المغاربة, وعلى رأسهم حاملو الشهادات واحترام حقوق العمال, مع احترام المغرب لالتزاماته الدولية". الى ذلك, كشف تقرير أصدرته المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (هيئة إحصاء حكومية) أمس الأربعاء أن 6ر80 في المئة من الأسر المغربية صرحت بأن مستواها المعيشي "تدهور خلال 12 شهرا الماضية", مشيرا الى أن هذا الوضع المالي المضطرب "سيستمر, اذ أن 9ر56 من الأسر المغربية تتوقع تواصل تراجع مستواها المعيشي". ويحد هذا الوضع المالي من القدرة الشرائية للاسر المغربية -حسب ذات التقرير - حيث تعتبر 7ر78 في المئة من هذه الأسر أن ظروفها الاقتصادية خلال الأشهر الأخيرة "غير ملائمة" لشراء "السلع المستديمة" وتشمل المنتجات تتطلب استثماراً أكبر على غرار الأجهزة المنزلية. ولمواجهة مشاكلها المالية, تضطر الكثير من الأسر المغربية الى اللجوء إلى الاقتراض, إذ يوضح ذات التقرير أن معدل الاسر التي تمكنت من ادخار جزء من مداخيلها لم يتجاوز 9ر2 في المئة. ويتضمن تقرير مندوبية التخطيط أسباب هذه الوضعية المالية المقلقة للأسر المغربية وعلى رأسها غلاء الأسعار خصوصا المواد الغذائية, حيث أقرت 5ر97 في المئة من هذه الأسر بأنها ارتفعت, بينما توقعت 4ر84 في المئة من الأسر استمرار هذه الأسعار في الارتفاع. وتأتي البطالة ضمن أبرز أسباب تدهور المستوى المعيشي للمغاربة, وفق التقرير الذي نقل عن الاسر المستجوبة توقعات قاتمة بشأنها, حيث توقعت 2ر82 في المئة منها ارتفاعا في مستوى البطالة خلال 12 شهرا المقبلة.