دعا المشاركون في اليوم الدراسي الذي نظمه المجلس الأعلى للغة العربية، أول أمس، بفندق الأروية الذهبية، تحت عنوان ''اللغة العربية بين التهجين والتهذيب الأسباب والعلاج''، إلى محاربة ظاهرة التهجين اللغوي التي أصبحت تشكل خطرا حقيقيا على اللغة العربية الفصحى، التي تعتبر رمز الهوية العربية الإسلامية، وهذا من خلال تعميم استعمالها وتحبيبها للجمهور، وتوثيق التعاون مع النخبة والخبراء ومنظمات المجتمع المدني لتهذيبها في المجتمع الجزائري، وتقريبها من الفصحى النقية من التهجين· تأسف العربي ولد خليفة في كلمته الافتتاحية لليوم الدراسي لما آلت إليه حالة اللغة العربية في الجزائر بوجه الخصوص، بسبب داء التهجين الذي أفقدها رصيدها من المفردات والتعابير المتداولة، واعتبر التلوث اللغوي ظاهرة طارئة بالمقارنة بالمدون والمحفوظ في الذاكرة من تراثنا الشعبي القريب جدا من الفصحى· واعتبر ولد خليفة بأن الاقتراض اللغوي بين اللغات ظاهرة قديمة ومتواصلة مثلما يحدث بين بنوك صرف العملات، مضيفا أن اللغة هي سلطة الثقافة وركن الهوية الجماعية ولا أهمية لها دون مستخدميها، وإذا كثر فيها الدخيل، تزعزعت الذات الثقافية وضعف الانتماء وأقبلت شرائح من النخبة على الهجرة إلى لغة أخرى· وأرجع المتحدث أسباب التلوث اللغوي في الجزائر إلى أسباب تاريخية، على غرار سعي المستعمر إلى تدمير الدولة وطمس معالمها ورموزها عن محيطها الطبيعي المغاربي العربي، وكذا استهدافهم استئصال النخب المتعلمة وملاحقة من بقي منها على قيد الحياة، كما اعتبر أن المستعمر سعى إلى تفقير رصيدها من المفردات والتعابير الحديثة الخاصة بشؤون الإدارة ومستجدات الحياة العصرية في مجتمع انتشرت فيه الأمية وكثر فيه المستوطنون· وأضاف ولد خليفة بأن المستعمر عمل على إضعاف اللغة العربية وتخريبها من الداخل، بهدف تفكيك الهوية من داخلها، وقطع أواصر الانتماء إلى الثقافة والحضارة العربية الإسلامية، وتجفيف الرصيد اللغوي للجزائريين وتركهم في منتصف الطريق بين لغتهم الأصلية وثقافة القوة الاستعمارية المهيمنة، مشيرا إلى أن هذا كان سببا في اتجاه الكثير إلى استعمال المفردات والتعابير الأجنبية بسبب عدم التعامل بمقابلاتها العربية وقلة تواردها في الإعلام والتعليم المحدود· وتحدث رئيس المجلس الأعلى للغة العربية كذلك عن تأثير الكثير من الأغاني على الرصيد اللغوي في الجزائر، مع استعمال كل هؤلاء ''الشباب'' للغة الهجينة فيها، وكذا ربط العربية الفصحى والعامية بالتخلف الذي يجعل مستخدميها بعيدين عن حداثة العصر· للإشارة، فقد شارك في هذا اليوم الدراسي العديد من المختصين في اللغة العربية والقادمين من مختلف ولايات الوطن، وتطرقوا في حديثهم إلى مواضيع عديدة على غرار التهجين اللغوي المخاطر والحلول، التهجين اللغوي في الحوار التخاطبي، التهجين في جزائر العهد العثماني، الهوية اللغوية بين تحديث الفصحى وتفصيح العامية وغيرها من المواضيع، إلى جانب تنظيم ورشة عمل جمعت بين العديد من المشاركين·