كانت ساعة الحياة المعلّقة على جدار يومياتي ، في ساحة البحث عن اتصال هاتفي سليم البنية ، تشير إلى عقارب التضارب بين تلك الأحداث الملتوية التي نسجها الروائي الأمريكي ''دان براون'' في فضاء معرفي ، تتشابك فيه الصفقة الإنتخابية بالمصلحة القومية والسياسة بالجنس الأمريكي ، ومن ثمّة الخيال العلمي بالسرد الروائي وفن الحكي ، تذكّرني بغوغاء السطوح في الرواية العربية وهي تنسج مؤامراتها الإجتماعية ، في واقع يعجز عن توليد أنتلجانسيا حكيمة ، فتردي العقل قتيلا ، أمام شهود عيان اللحظة التاريخية ، في هذه الرواية العربية أو تلك ، فأتخيّل لو أن الحكاية اليابانية أو الصينية ، افتقدت لأنسجتها العقلية ، ماذا سيحدث ؟ والأسئلة العميقة التي عوّدني على طرحها والدي التاجر البسيط في حانوته ، كانت في مطلع الثمانينيات من القرن العشرين ، قد ناهزت على وضوحها في مخيّلتي الإبداعية وأنا أقترب من التوفيق بين ما أقرأ من شعر ورواية وفلسفة ورياضيات وفيزياء وبين ما تنتجه أزقة الشوارع الإجتماعية في الجزائر على وجه التحديد - بحكم جزائريتي - وبين ما تسوّقه لنا المقرّرات المدرسية في منظومة الإضطراب التاريخي ، فلا أكاد أجد ذلك المعنى في ما يصلنا من''غثاء السّيل'' المشرقي ، من كتابات أدبية الظاهر ، دون تشخيصها الآن ، كونها أفرزت ''الهاوية'' ، وهي تبتعد عن ''روح'' الكيانات الأصلية للإنسان (بمفهومه الجنسي والجغرافي ) ، إلى الدرجة القصوى في عذابات المتاهة · وقد تبدو لي أن عملية التفكير في المنتوج الإبداعي العربي ، قبيحة التوصيف ، كلّما حاولت مقارنتها بإفرازات الإبداع عند أجناس الثقافات اللاتينية والرومانية ، بحيث تنعدم تلك المعادلة الرياضية البسيطة ( س + 1 = 0 ) وهي أبسط معادلة من الدرجة الأولى ، فلا أفهم عقليا كيف تتعايش العلوم مع الفنون ، في مرتع الذهنية '' الأثنية '' التي لن تتوصل إلى حالة الإرتقاء الروحي والسيكولوجي ، إلا من عتبة المادية الهشّة ، ذات الترسبات الطينية في مخيال مضطهد ومتعجرف · فالشعر ، بعيدا عن لغته ، هو ترجمان الحياة ، في حيّزها ، على الرّغم من انفتاح هذه الروح الإنسانية أو انغلاقها ، إلا أن فلسفة التعبير ومطبّات العمران والتوسّع ، بقيت هي الغالبة على مسرح هذه الأحداث الإنسانية ، في الرواية كما في باقي الفنون ، مع عدم اهمال الإعتقاد الديني بين الثقافات ، فكان أن تجلّى انتصار ''الهوس'' الثقافي''على الضابط'' العقلي · وبالاسترجاع الوجداني ، لم تنجح الرواية والشعر العربي ، في تحقيق نظرية الفلسفة الحياتية في يوميات الناس ، بل زادتها تعقيدا الأيديولوجيا ، كرجع صدى ، غير مؤنس وغير مؤسّس على مفهوم ''بساطة الحياة'' ، كما أجدها في شاعرية ''هوميروس'' مثلا ، أو عبقرية ''زهير بن أبي سلمى''، رغم تباعد ''هاويتهما'' التاريخية ، فلا هو الأدب العربي الحديث ، استفاد من تمايزه المفقود ، ولا هو انصهر في روحانيته المعدومة ، لذلك نتج عن ذلك الإستسلام إلى ''مادية هذه الهاوية'' السحيقة ، في عملية الإبداع ، فتصدّعت البنيات بين الفكر كحركة عقلية وبين الحياة كواقع لا يحتمل الجمود ·