البلد العربي الوحيد الذي يعطي نصف يوم عطلة لنسائه هو الجزائر، لأن البلدان العربية الأخرى تدعي أنها تعترف به ولكنها لا تمنحه عيدا للنساء، وهو عيد من وجهة نظر مجتمعنا للسخرية من النساء اللواتي يبدعن اليوم في تحقير أنفسهن· نساؤنا يحلمن بالبقاء في البيت، يتحجبن ويسترهن رجل والسترة هنا تعني أن يتحول الرجل إلى خادم لديهن يخرج صباحا بكيس الزبالة ليرميه ويعود مساء بالقفة وطبعا عليه أن يقسم مرتبه الشهري على الشكل التالي: الإيجار، الكهرباء، التلفون، مصروف الأولاد، ''القضيان'' احتياجات البيت، وأخيرا فندورة للمرا (أي فستان لسيدة البيت) وطبعا بعد هذا التقسيم سيضطر ليمشي في الشارع مبهدل، فهو يستعمل حذاءه حتى يهترئ، ويستعمل ثيابه التي اشتراها قبل الزواج ومنظرها اليوم مضحك ومبكي في الوقت نفسه· شخصيا أطالب بشطب يوم 8 مارس من قائمة أعيادنا للأسباب التالية: 8 مارس تاريخ يخص المرأة الغربية، واحتفالها بهذا التاريخ يعزز معنوياتها وفخرها بما حققته، أما نساؤنا فقد خذلن بشدة مناضلاتنا سواء مناضلات الثورة أو مناضلات ما بعد الإستقلال، وكل ما حققته المناضلات من أجل حقوق المرأة الجزائرية لم تستفد منه نساء المجتمع، بل على العكس فنساء المجتمع لا يخجلن من وصف هؤلاء المناضلات بالعاهرات، ولهذا أرى أن تلغي الدولة هذا العيد مع أعياد أخرى كثيرة كعيد العمال مثلا، لأن الشخص عندنا لا يشعر بالحقرة وبالذل إلا يوم يوظف ويصبح عبدا لمرتبه الصغير ومتطلبات الحياة الكبيرة· خلينا في 8 مارس، هذا التاريخ هو ذكرى ميلاد كاتبنا الكبير مولود فرعون فمن يتذكره؟ أو من قرأ له كتابا من ضمن ملايين التلاميذ وطلبة مدارس الجزائر، سؤال يطرح حقا لأننا لو قرأنا مولود فرعون مثلا لعرفت بناتنا قيمة المرأة الجزائرية وكيف كانت وكيف يجب أن تكون لا أن تتلفلف بقطعة حجاب وتظن أنها أصبحت جاهزة للدخول إلى الجنة وهي بعد فقست من البيضة، من جهة أخرى فهذا التاريخ الذي قرر يوما عالميا للمرأة في باريس سنة 45 يتصادف تقريبا مع مجازر تلك السنة التي حدثت في الجزائر يوم تبين أن فرنسا ضحكت علينا حين أرسلت بخيرة أبنائنا إلى الجبهة الحربية لمواجهة الألمان وحين أحرزنا لهم النصر ''خوزقنا'' حاشاك من طرفها هذا التاريخ لا يعنيني وشخصيا كل أيامي حرية وأنا هنا في بيروت بعد أن تعبت في الجزائر وأنا أصارع من أجل نساء يرفضن تماما أن يتطورن سنتمترا نحو الأمام، باستثناء القليلات اللواتي يعشن معاناة مريرة وضغطا نفسيا وألما لأن حياتهن حرب يومية مع المجتمع وهذه المعاناة نجدها عند رجال أيضا يحلمون بالتغيير ولكنهم يصدمون بالجدران التي تصنعها الأغلبية الغبية· هل تعرف ماذا كنت أسمع نساءنا يقلن في هذا اليوم؟ في الجامعة أو في الشارع أو في أمكنة أخرى ''كون ايخليوني لولاد نحط راسي ونرقد شوية'' وطبعا ''لولاد ما يخليوهاش''، وأخرى تقول ''بلاك ندير شوية قاطو ما دام عندي الوقت''، وأخرى تتفرج المسلسل وأخرى تحدد القش و··· و··· و عيد ؟؟؟؟ ربما، أقول ربما 8 مارس كان له مذاق في مطلع الاستقلال حين كانت المساواة كاملة بين نساء ورجال الجزائر، وحين كانت المحبة بينهما تنبع من القلب، وحين كان الرجل يخاف على المرأة وهي تخاف عليه، حين كانا قمة في الأخلاق وقمة في الوطنية اليوم اسمحلي··· كأننا في حرب بين الجنسين وحرب مع أنفسنا وحرب مع الحياة نفسها· * روائية جزائرية مقيمة في بيروت