صراع، قتل، وموت بطيء للأسرى، وعذابات لا تتوقف على مدار الساعة في فلسطين المحتلة· الكل يعاني وبدرجات مختلفة، ولكن الأشد معاناة هم الأسرى الذين يأكل الحديد من أجسادهم وتذوب زهرة شبابهم بفعل احتلال لم يعرف له التاريخ مثيلا· أكثر من ثمانية آلاف أسير وأسيرة يقبعون خلف القضبان رافعين رؤوسهم رغم القيد والسجان· هم كالأسود رغم ما يكابدونه على من عذابات وآلام· هم فخر هذه الأمة برغم تقاعسها وترددها في نصرتهم· أصبح الأسرى مدرسة عالمية، وليس مدرسة محلية فقط، فهل وجد عبر التاريخ من يسجن لأكثر من 32 عاما متواصلة· الأسرى فخر البشرية جمعاء ينوبون عنها في مقارعة الباطل وقوى الظلم والطغيان· ترى·· هل وجد احتلال عبر التاريخ أكثر ظلما ممن يأسر أصحاب حق لأكثر من 30 عاما متواصلة؟ وممن حرق 400 طفل بالفسفور الأبيض خلال أقل من شهر في غزة؟ وعلى مرأى ومسمع من العالم، خاصة ممن يسمون أنفسهم بالعامل الحر والمتحضر؟! أيها الأسرى تفاءلوا خيرا تجدوه، وهو قريب قريب· يا من تخطون للأجيال طريق العزة والكرامة، ويسري حبكم في قلوبنا، تفاءلوا فهناك من لا ينام وهو يفكر في خلاصكم من قيد وزرد السلاسل· مع كل إشراقة شمس يتجدد الأمل من جديد بقرب تحرير الأسرى، وبرغم أنهم مغيبون بأجسادهم، فهم مع ذلك يواصلون دورة الحياة خلف جدران صخرية مقرورة الجدران، ظلامها يحس ويشعر الأسرى بأنها أكفان صامتة تنتظر لتلف من ييأس ولكن دون جدوى، فالعزة والكبرياء والصبر والصمود تقتل اليأس والقنوط وكل ذلك لعيون فلسطين، لعلمهم أن المسير طويل والزاد قليل· أسرى صحيح··· ومع ذلك لا يعبئون ولا ينكسرون· بثباتهم، يرسمون ويكتبون بالدم على جدران الزنازين غير آبهين بهول التعذيب وسياط الجلادين، فقلوبهم تنبض بالحياة وتنثر الزهور، يتألمون لكن لا يصرخون، صامدين كالصخور لتتفجر بعد حين في وجوه المحتل الغاشم· هم جوعا للوطن·· للزعتر والزيتون·· للجبال للتلال، يدفعون ضريبة الوطن بسخاء دون بخل أو تردد أو انكفاء، فهل بقي عذر لمن تكاسل أو تخاذل أو تراجع عن نصرتهم ولو بالكلمة؟ نور فجر يلوح·· نراه في عيون كل أسير منكم، فأنتم أمل وفخر هذه الأمة رغم نكوصها وتعثرها، أنتم كشفتم وحشية الاحتلال وإجرامه، وعريتموه من ورقة التوت التي كان يتستر بها أمام العالم· ما النصر إلا صبر ساعة، هكذا علمتمونا أيها الأسرى، فلا تدعوا اليأس يدخل إلى قلوبكم وعقولكم، وإنما هي لحظات صبر أقوى من الجدران والزنازين والأسلاك الشائكة، وأقوى من كل ترسانة الاحتلال· أنتم أيها الأسرى·· وجع في قلب كل شريف وحر في هذا العالم المجنون بالعولمة الأمريكية المسعورة التي تأكل أجساد البشر· أنتم وجع قلب ونخزة ضمير لكل حر وأبي في الوطن المأسور والمقهور· نعم الكل مقصر في حقكم ما دمتم خلف القضبان ولا عذر لمن اعتذر، فلا تيأسوا، فالبسمة ستعود لوجوه الأمهات شوقاً وتسري الدماء ضاحكة بعروق الآباء ويعود الأطفال إلى أحضان آبائهم وأمهاتهم الأسيرات· فجر الحرية آت·· آت·· ولو طال الانتظار، عندها تطال رؤوسكم السماء، فأنتم ما زلتم تنوبون عن الأمة وتتحملون أوجاعها وآلامها، فحقا لكم وقتها الفرح والسرور وبسمة طفل تنتظركم على بوابات السجون، ويسألونك متى هو ·· قل عسى أن يكون قريبا·