قد يكون الأمر محض صدفة، أن نبدأ هذا الشهر الجديد بثلاث مناسبات و''أعياد'' متتالية، ففي غرة الشهر يحتفل العمال بعيدهم العالمي الذي تنقصه منذ عشريتين من الزمن نكهته ''البلشفية'' مع سقوط المعسكر الاشتراكي وبروز النظام الدولي الأحادي الذي لم يكن في مصلحة الطبقة الشغيلة، ··· والحقوق الاجتماعية الكثيرة التي انزعوها ما كان لهم ذلك لولا تنازل الرأسمالية في إطار معركتها ضد الشيوعية وكانت نهاية الثمانينيات من القرن الماضي أقصى ما وصلت إليه هذه الطبقة من أهداف في انتظار ''ثورة بلشفية'' جديدة قد تأتي في زمن آخر وبشكل آخر· وفي الثاني منه يحفل الدواكرة (عمال وحمّالو الميناء) الجزائريون بذكرى المجزرة التي ارتكبتها في حق زملائهم عصابة المنظمة السرية الإرهابية (أو· آ· س) في مثل هذا اليوم من سنة 1962 قبل الاستفتاء على استقلال البلاد بأقل من شهرين. ورغم مرور ما يقارب الخمسين سنة عن تلك اللحظة التاريخية، فإن الدواكرة مازالوا يناضلون من أجل حقوقهم وفي كل مرة يهددون بالإضراب عن العمل وكم من مرة شلوا الموانئ ونالوا بعض الحقوق ومازال نضالهم متواصلا· وفي الثالث من الشهر نفسه الذي يوافق يوم غد يحتفل الإعلاميون الجزائريون مع زملائهم من العالم أجمع ب ''اليوم العالمي لحرية التعبير''، وقبيل الاحتفال بمناسبة هذه السنة فقدت الساحة الجزائرية إثنين من أبرز الكتّاب الصحفيون وهما باية قاسمي ومحمد عصامي اللذين انضما إلى قائمة ضحايا المهنة من الذين توفوا بالسكتة القلبية والذبحة الصدرية والسكري وكل أمراض الضغط مثل شوقي مدني ومراد تريوش واحميدة غزالي... وغيرهم كثير، ونابت مثل تلك الأمراض المتعلقة بالتوتر النفسي العالي عن آلة الموت الجهنمية التي حصدت في العشرية الماضية عشرات الأرواح من الإعلاميين واضطرت الكثير منهم للاحتماء ب ''محتشد المنار'' ومازالت الأخبار تأتينا منهم بموت الصحفيين الواحد تلو الآخر هناك والكثير منهم لا يجد بيتا يأويه عند خروجه من هناك وكان آخر الراحلين من المنار إلى المقبرة محمد عصامي الذي لم تنفعه موهبته الصفية الكبيرة في الحصول على حياة أفضل، ومازالت القائمة مفتوحة، قامة الراحلين دون سن التقاعد من الإعلاميين· ولئن كان الفاتح من ماي هو عيد العمال والثاني منه ''عيد الدواكرة'' والثالث من نفس الشهر ''عيد الإعلاميين''، فلماذا لا يكون الرابع من شهر الاحتفالات هذا ''عيدا'' للبطالين، لأن الكثير من ''الزوالية'' يتمنون الحصول على وظيفة ولم ينالوا حتى شرف تصنيفهم كعمال·