على خلاف السنوات الماضية، يشهد مهرجان ''كان'' السينمائي هذا العام نقاشا مختلفا، ينقل الحديث من صناعة الفن السابع البحتة والسعفة الذهبية وأخبار النجوم إلى عالم السياسة والتاريخ والعلاقات الدولية، ويبرز هذا التركيز على المضامين مبدئيا من خلال 3 أفلام على الأقل· بعد الضجة التي ثارت في الأيام الأخيرة حول فيلم المخرج الجزائري - الفرنسي رشيد بوشارب ''خارجون عن القانون'' حول مجازر 8 ماي ,1945 والتي جاءت في التوقيت المناسب تماما هذه المرة، لتزامنها مع الذكرى ال 65 للأحداث المرعبة التي عرفتها مناطق الشرق الجزائري بسبب الوحشية الفرنسية، وهي واحدة من القضايا المسكوت عنها، لكن مجددا ها هي الثقافة تفعل ما عجزت السياسة عن فعله عبر كل هذه السنوات الطويلة، خصوصا وأن فرنسا تراهن على محو الزمن لذاكرة العار التي خلفتها في الجزائر، وهذا النقاش الذي صاحب الفيلم أعطى للمناسبة دفعا قويا للرجوع إلى واجهة الأحداث والحديث عن ضرورة جلوس فرنسا أمام المرآة لتتمكن من أن تخطو خطوة جديدة في علاقتها مع الجزائر ومع ماضيها الاستعماري· والحقيقة أن سجال الأفلام والخلافات السياسية لا يتعلق بفيلم بوشارب والعلاقات الجزائرية - الفرنسية فقط، وإنما هناك فيلم آخر يجعل مهرجان ''كان'' في وضع حرج، لإعلان وزير الثقافة الإيطالي، ساندرو بوندي، مقاطعة المهرجان بسببه، وهو فيلم وثائقي إيطالي يشارك خارج المسابقة ويحمل عنوان ''دراكيولا''، يتعرض من خلال النقد الساخر للطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء الإيطالي ''سيلفيو برلسكوني'' أثناء تعرض مدينة ''لاكويلا'' العام الماضي إلى زلزال أودى بحياة أكثر من 300 شخص، وحسب الفيلم، فإن برلسكوني استغل فرصة الدمار والكارثة التي حلّت بالإيطاليين لرفع شعبيته، ولذلك وسم باسم مصاص الدماء ''دراكيولا'' التي استغلته صاحبة الفيلم، الفنانة الكوميدية سابينا جوتسانتي، لإبراز الأفعال اللاإنسانية لبرلسكوني من جهة ولقربه من اسم المدينة ''لاكويلا'' من جهة أخرى· وقد أثار إعلان المقاطعة الذي أعلنه الوزير الإيطالي زوبعة كبيرة في أوساط اليسار الذي اعتبر موقف الوزير تعديا على حريتي النقد والتعبير· الفيلم الثالث الذي لا يزال الحديث عنه مؤجلا، ربما إلى بعد العرض، هو الفيلم الفرنسي المشارك في المسابقة والذي يتطرق إلى قضية رهبان تبحرين، أي إلى العلاقات الجزائرية - الفرنسية، بشكل ما، ولذلك من المنتظر أن يسيل الكثير من الحبر حوله في الأيام القليلة المقبلة، خصوصا إذا اُستغل سياسيا، وربما هذا هو سبب التكتم الكبير على مضمونه·