اتصل بي، نهار أمس، الصديق الكاتب الصحفي بوحاميدي، وأخبرني أن صديق الثورة الجزائرية فرانسيس جانسون يحتضر·· وبعد ذلك اتصل بي الأستاذ في علم الإجتماع مصطفى ماضي وأخبرني هو أيضا عن حالة فرانسيس جانسون، وقال لي أنه سيبعث لي مقالا مطولا عن هذا المناضل الشجاع الملتزم·· وبالفعل تأثرت، وعادت بي الذاكرة إلى سنوات الجامعة عندما طالعت كتابه الذي فضح الآلة الكولونيالية وانتصر فيه للثورة الجزائرية في نهاية الخمسينيات، والفضل يرجع في تعرفي على هذا الصحفي والكاتب الذي نظم شبكة جانسون من أجل الدعم المادي والسياسي للثورة الجزائرية في فرنسا وأوروبا، وعُرفت آنذاك شبكته بحملة الحقائب، إلى أستاذتي في مادة تاريخ الجزائر، نورة بن علاف·· ولم يتوقف جانسون بعد حصول الجزائر على استقلالها عن وقوفه إلى جانب الجزائر، رغم ما تعرض له من تشويه ومضايقات من الشرطة الفرنسية·· وقد ارتفع صوته عاليا أثناء حرب الجزائر الثانية، حرب الإرهاب على الجزائر، وهذا من أجل عدم الدفع بالجزائر نحو العزلة ثم التفكك·· لم يطلب فرانسيس جانسون شيئا من الجزائر لأنه كان يرى نفسه جزءا من الثورة الجزائرية وتراثها، ومن الجزائر·· لقد أحبّ الجزائر أكثر بكثير ممن ادّعوا احتكار الجزائر·· لقد كان جزائريا بمواقفه المبدئية، وجزائريا بوفائه للثورة التي خانها بعض أبنائها·· وحتى نكون أوفياء لروح ثورتنا، ألا يجدر بنا الإعتراف بهذا الرجل العظيم، الذي ظل طول حياته متواضعا حتى وإن كان هذا الإعتراف متأخرا·· إن هذا الرجل كان حريّ بنا كجزائريين أصيلين أن نطالب أسرته لأن يُدفن مع أبطال الجزائر ورجالها في العالية بدل أن نتركه يُدفن هناك في فرنسا·· صديقنا فرانسيس جانسون، نحن أبناء الإستقلال الأوفياء لروح ثورتهم، نقول نحبك·· نحبك هنا·· ونحبك هناك·· ونحبك دائما··