''إنّهم نائمون تحت الأرض التي نعانقها بأقدامنا عندما نرقص في المهرجان إنّنا نقف في نفس المكان حيث كانوا يقفون بأحلامهم'' هي مفتاحية للشاعر الجنوب افريقي الكبير '' مازيسي كونين '' وهو واحد من أكبر شعراء الزّولو والمناهض الشّرس للأبرتايد، ها هو صوته يأتي من مقبرة الدّم الإفريقي الأسود، فارع الرّوح، في قامة الكنوز الوجودية الصّاخبة، حيث العتمات تستضيء بأنوارها على عناصر الحياة الكادحة فوق جثامين الشموع، أين كان الغناء للدّم القديم، يستعيد أرض القوّة الإنسانية التي هي فوق الأشياء، بينما تصنع فرجة الإبداع مع ''لعبة الكتابة'' و ''لعبة كرة القدم'' ملتحمة مع نظريات الحرية، في مسرح الإنجاز الطفولي الأول الرّافض لأن يكون الأدب مجرّد أداة للتسلية وقتل الفراغ لدى القارئ أو حالة من التفريغ النفسي لدى المبدع، بحيث أن كل لعبة هي في الأصل كمون ثقافي ممتلئ بحالة كل لعبة حياتية تقول تلك الحقيقة الراّسخة: ''من لا يلعب فهو ليس بخير''، بمعنى الحرب أو السلم، الحب أو الكراهية، العنصرية أو الانفتاح، كلّها من نوع تلك اللعبة '' الثقافة وذلك اللّعب '' الإبداع · لقد عرفت الإنسانية ''اللّعب'' منذ ميلادها، فهو ذروة حالات التعبير عن الانسجام الحضاري، كأن يكون الطفل لاعبا دائما، بمعنى أو بآخر فهو يرفع رايات المجد المفتوح على الغبطة والسرور، وهي حالة كل ''شاعر لاعب''· أما الشعراء الذين لا يلعبون، فغالبا ما يكونون صرعى تلك الابتسامة المعادلة للحزن والاضطهاد مثلما ردّدها باستمرار شاعر إفريقي آخر، نحت الحياة في صورة الفعل السياسي على أرض المونديال، عندما عبّر ''جيمس ماثيوس'' عن حلمه وطموحه في تلك الابتسامة التي لا تقدر على الازدهار، لكن بمقدورها أن تنتشر· الأدب هو حالة النضال المستخلص لعصارة الجهد في الحياة، لكنه يظلّ أحلى الألعاب التي يرسلها ''لاعب الفطرة'' في ملاعب الحياة بكل ما في اللّعبة من نشوة الانتصار والاستعراض الكرويّ، بل إن الإنسانية جمعاء تتوق إلى افتكاك هذه الحالة المزهوّة بالإيمان المسروق من الإنسان، عندما تكون الآمال عقيمة والأحلام كوابيس، لكنّها ''اللّعبة'' - وحدها - القادرة على استرجاع رونق الإنسان المتعالي عن ألوانه ولغاته وأجناسه·