اهتم الدكتور نصر حامد أبو زيد بأزمة الفكر والخطاب الديني منذ أمد طويل فكتب فيهما كتابات أثارت الكثير من اللغط والسجالات الانفعالية (والقليل القليل من الردود العقلانية)··· وكان من نتائج هذا التهافت اتخاذ المؤسسات الرسمية والدينية و''الفقهاء'' ومن خلفهم الدهماء، مواقف عدائية واضطهادية في حقه فاعتبروه مرتدا وزنديقا وملحدا وكافرا خارج الملّة، يتوجب على ''الأتقياء'' إزهاق روحه ''الشيطانية'' لإعلاء كلمة الخالق· والخالق، الرحمن الرحيم، بريء من هذا· الأمر ذاته حدث مع المعتزلة ومع السهروردي المقتول ومع الحلاج وابن رشد··· والقائمة طويلة تضجُّ بالآلام والفجائع المرعبة· هل تتذكرون الدكتور فرج فودة، صاحب كتاب ''الحقيقة الغائبة'' الذي اعترف قاتله بأنه لم يقرأ حرفا واحدا من كتبه لأنه لا يعرف القراءة ولا الكتابة ولكنه كالأعمى يطبّق أوامر القتل الصادرة من التنظيم الإرهابي ؟!! لقد حاول المفكرُ التنويري الكبير نصر حامد أبو زيد فتح الرتاج الصدئ لباب الاجتهاد فاتُهِمَ كغيره بالمروق··· واجهه دعاة التطرف والتشدد الديني وإغلاق باب الاجتهاد بكافة الوسائل العنيفة، بينما كان هو مستغرقا في قراءة التراث ومجتهدا في إعادة فهم النصوص الدينية داعيا إلى عدم إخراجها من سياقاتها التاريخية والبيئية لفهمها فهما صحيحا· هو الآن في بيت السماء وبين يدي خالقه الرحمن الرحيم، بمنأى عن سموم الفتاوى ومؤامرات الحقد العاصف· لا شك أنه استراح من صراعه المرير مع ذلك الداء المستعصي الذي شلّ العقل العربي السياسي والفكري··· داء اسمه التعصب والتخلف· وداعا دكتور نصر حامد أبو زيد··· وداعا يا شهيد الاجتهاد·