تطرح قضية لجوء السلطات العمومية إلى تغيير الوجهة في استيراد اللحوم من دول أمريكا الجنوبية وبعض الدول الأوروبية إلى الهند، بعد عقدين من الزمن تعاملت خلاله الجزائر مع هذه الدول، أكثر من سؤال حول طبيعة هذه الصفقة المتمثلة في استيراد عشرة آلاف طن من اللحوم بقيمة مالية تجاوزت 30 مليون دولار· في ظرف شهرين من الزمن تم اختيار الهند لاستيراد اللحوم الهندية، والأكيد أن اللحوم ليست بالقيمة التي توصف بها، والأمر لا يتعلق باللحم الحلال من الحرام، وإنما بنوعية اللحوم المتمثلة أساسا في لحم ''الجاموس'' التي غالبا ما تكون مصابة ب ''ديدان''، وهو الأمر الذي دفع بعدد من الدول العربية إلى اتخاذ إجراءات وقرارات تحفظية بشأن استيراد اللحم الهندي سنتي 2009 و,2010 خاصة وأن الجدل الكبير الذي أثير حول اللحم الهندي تزامن مع قرار الجزائر استيراد كميات منه، وكانت وزارة الصحة المصرية قد اعترفت في السابق بإصابة اللحوم الهندية المستوردة بديدان ''الساركوسيت''، مشيرة إلى أن اللحوم المستوردة من الهند وسيريلانكا مصابة بهذه الديدان، وقد بلغت نسبتها 80 بالمائة· وردت السفارة الهندية بالقاهرة وقتها بأن دودة الساركوسيت موجودة في كل الحيوانات التي تربى في المراعي الطبيعية، كما أن الأبحاث العلمية أثبتت أن هذه الدودة غير ضارة للإنسان وتختفي عند تجميد اللحم في درجة -10 أو عند طهيه في 60 درجة· واتخذت المملكة العربية السعودية قرارات منع أيضا، كما اتخذت سوريا السنة الماضية قراراً بتعليق استيراد اللحم الهندي استنادا إلى تصريح للامية ماري العاصي وزيرة الاقتصاد والتجارة السورية، مشيرة إلى عدم تطابق اللحوم المستوردة مع مقاييس الجودة التي تضعها سوريا، وحجز السلطات العراقية كميات من اللحم الهندي الفاسد في السليمانية والبصرة في أفريل 2009 وأفريل .2010 كيف تم اختيار المتعاملين المكلفين بالاستيراد؟ أقدمت السلطات العمومية على الانفتاح على سوق اللحوم الهندية في زمن قياسي أي في مدة شهرين فقط، وبعد أن حلّ رجال أعمال هنود بداية شهر ماي الماضي، وتمكنوا بعد 15 يوما من إبرام اتفاقات اقتصادية مع الجزائر والظفر بصفقة تصدير اللحم إلى الجزائر، وعاد المتعامل العمومي الوحيد ''سوتراكوف'' الذي أوكلت له مهمة الاستيراد، فقد أدرج اسم احد المتعاملين الخواص المقيم بالعاصمة، وبعد احتجاج عدد من المتعاملين الخواص، تم إدراج أسماء خمسة متعاملين آخرين في العملية، خوفا من انفجار الوضع وانكشاف الفضيحة· والغريب في الأمر أن السلطات تحاول إقناع المواطنين بأن الأمر يتعلق بلحوم الأبقار، والصحيح هو أن الأمر يتعلق بلحوم الجواميس التي كان بالإمكان استيرادها من السودان التي تعتبر أحد أهم البلدان وفرة لهذا النوع من الماشية، في وقت أن النوع المستورد من الهند يعرف باسم ''بافلوس بابيلوس'' وهو نوع من الجواميس الهندية· جهيد زفزاف رئيس مجمع ''سوتراكوف'' المكلف باستيراد اللحوم الحمراء يؤكد صحة اللحوم في اتصالنا أمس برئيس مجمع ''سوتراكوف'' المكلف باستيراد اللحوم الحمراء، جهيد زفزاف، أكد بأن الأمر يتعلق فعلا بلحوم العجول المسماة ''بافلوس بابيلوس'' وهو نوع من الجواميس الهندية، وشدد على صحة السلع المستوردة لأنه خضع لعملية ذبح حلال وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وفي بلد يدين به 350 مليون شخص بالإسلام، مؤكدا بأن صحة اللحوم تحت مسؤولية الجهات البيطرية الهندية، وهي ملتزمة وفق دفتر شروط صارم بسلامة هذا المنتوج· وفيما يخص طبيعة الصفقة، أكد المتحدث بأنه يمثل مؤسسة عمومية ويخضع للقوانين التي تسير السوق، مضيفا بأنه يجهل هوية الخواص الذين ظفروا بصفقة الاستيراد إلى جانب الشركة العمومية ''سوتراكوف''· أما ما يتعلق باحتواء اللحوم الهندية على دودة ''الساركوسيت''، فقد أكد زفزاف بأن التحاليل البيطرية أكدت عدم احتواء اللحوم على دودة ''الساركوسيت''· من جهة أخرى اتهم زفزاف بعض المضاربين المعروفين باستيراد اللحوم من دول أخرى بإثارة البلبلة فيما يخص اللحوم الهندية والتشكيك في صحتها وسلامتها، وأكد أن دودة ''الساركوسيت'' ليس بإمكانها العيش في درجة حرارة تحت 18 درجة مئوية، في وقت أن غرف التبريد الخاصة بتخزين هذا النوع من اللحوم تتميز بدرجة أقل من 36 درجة مئوية تحت الصفر. وعن أسباب اختيار الهند لاستيراد اللحوم، أرجع المتحدث ذلك إلى التكاليف المنخفضة التي عرضها المتعاملون الهنود، والتي تقل بكثير عن تلك المقترحة من قبل متعاملي أمريكا اللاتينية وعدد من الدول الأوروبية.