انطلقت منذ أشهر المجلة الثقافية المتميزة الصادرة بلبنان والتي تحمل اسم ''الغاوون'' في حملة ضد الفساد الثقافي وضد كافة رموزه في الوطن العربي، مما أدى إلى كشف المستور في كيفية وطرق إسداء جائزة البوكر العربية وكذا المساومات التي يخضع لها المترشحون قصد التتويج بالجائزة '' الصك المسيل للعاب· ولقد أفضت تلك الحملة إلى فضح العديد من الأسماء ''الكبيرة'' في الوطن العربي وكشف مدى تورطها في هذا الفساد الثقافي الذي أضحى سمة أساسية في أغلب المؤسسات الثقافية المتكلسة المنخرطة في تأصيل الصنمية المقيتة لأسماء باتت تمثل الماضي أكثر مما تمثل الحاضر والمستقبل· قبل أيام فقط، انطلقت حملة أخرى من مصر هذه المرة، (مصر الإبداع) للإطاحة بلجنة الشعر في المجلس الأعلى للثقافة والتي أصبحت (اللجنة) تشكل عقبة كأداء حقيقية أمام الشعراء والمبدعين الذين يتوقون للكتابة بأساليب مغايرة ومختلفة عما هو مألوف ومتعارف عليه من قبل سدنة القصيدة العربية الخليلية ذات القوالب الجاهزة· ولأن أذرع أخطبوط الفساد الثقافي طويلة للغاية، فإن المؤسسة الثقافية في بلادنا لم تسلم منه ومن ''حبره الداكن الملوث''، حيث أننا في هذه الأيام - وبكثير من الأسف - نتابع فصول ما يمكن تسميته بمهزلة اتحاد الكتاب الجزائريين· فبعد السطو المعلن عليه من قبل جماعة لا تحوز أية شرعية ثقافية أو إبداعية، ها هو بيت الكتاب على حافة الانفجار بسبب التهافت والتكالب على الريوع والأموال (مليار سنتيم) التي على ما يبدو أنها عوض أن تستغل في العمل الثقافي والفكري، راحت إلى الجيوب الخاصة· إن الوضع الثقافي العام (هنا وهناك وهنالك) لا يبشر بأي خير، وإن لم ينتفض الكتاب الحقيقيون ضد شمولية الرداءة والتزييف، فإننا سنقبل - لا محالة - على عصر كالح، عصر يكره أصحابُه الذكاءَ والجمالَ·