كانت لدي دوما علاقات جيدة ومحترمة مع المخرجين في المسرح الوطني سواء مع مصطفى كاتب أو علال المحب أو حاج عمر أو الهاشمي نور الدين، وأعتقد أنه عندما كنت أحفظ نصوصي، كنت أحضّر جيدا لأدواري· المخرجون يحترمون هذا عند الفنانين ويحبون أن لا يُلام من طرفهم أي ممثل أو فنان، أظن أن الذي تبعني من ''لاقلاسيار'' كان قوي الشخصية. لم أكن منحرفا ولا سكيرا، كنت أخصص كل وقتي لعملي وعائلتي وكنت أضع حدودا أيضا بين الاثنين، وكنت أحمي عائلتي من نوعية عملي· كشاب يملك فرصا كثيرة لم أقع في فخ ''الدسارة''، التي لا تؤدي إلى شيء إيجابي، إلا إلى تدمير الأشياء الجميلة، لقد بذلت جهودا كبيرة لكي تكون عائلتي بعيدة عن مهنتي، طيلة نصف قرن من المسيرة، ولم يكن ذلك بالأمر السهل، ولكن الأهم من ذلك هو أن ترى أبناءك ومحيطك فخورا بك· في الطريق عندما يتعرف عليّ الناس وفي المحلات كذلك عندما يعرفني الباعة والتجار يحيونني، لأنني أنا· في تلك اللحظات نكون أشخاصا آخرين في أعين أبنائنا· لسنا آباء فقط، بل أبطالا كذلك· خلال مشواري ككاتب مسرحي وممثل، لم أكذب أو أزوّر شيئا، لم أعمل يوما على أن أكون شخصا آخر· باختصار·· لم أغش يوما· ''آه كم هو ممثل كبير ومخرج كبير أيضا'' ··لا·· ما أريد أن يتذكره الناس هو أنني فنان جزائري الذي قام بعمله دون غش· منذ 1966 كنت قد أديت أدوارا ربما في حوالي 70 بالمائة من إنتاج المسرح الوطني، ونصفها كنت صاحب أدوار أولى أو ثانية· ومن سنة 1975 إلى بداية الثمانينيات، تفرغت للكتابة المسرحية خلال فترة كان فيها المسرح لا ينتج كثيرا· كتبت للمسرح 24 نصا مسرحيا، منها ما تم عرضه في العديد من دول العالم كعمل ''فاطمة''· في النهاية لعبت وركّبت وكتبت· وهذا لا يمكن أن يكون مشوار غشاش· كنت دوما شخصا في الخدمة بالنسبة لأولئك المخرجين كممثل· هذا الكلام المكتوب قد يبدو كأنه توضيح· وربما هو كذلك· لا أريد القول أن البعض فكروا بأنه عكس ذلك، ولكن هناك من لم يفهموا معنى أن تكون ممثلا مسرحيا.