بوجدرة، هذا الكاتب المهووس بتحطيم الطابوهات، وبإعادة كتابة الجنس وإعادة تشكيله عبر متنه الروائي، كفعل تحرر وهدم وانبناء للجسد الاجتماعي والثقافي والتاريخي والسياسي، وإعادة مركزته كقوة معيدة لبنية الكتابة نفسها على أكثر من صعيد، ظل مثيرا للجدل وللأسئلة المرتبطة بالحداثة وما بعد الحداثة·· عندما فكرنا في تخصيص ملف خاص بصاحب: ''المرث'' كان هاجسنا أن نعيد فتح ملف مسار الكتابة الروائية المختلفة والمتقاطعة مع عدة لحظات أساسية، مثل لحظة التاريخ ولحظة السياسة ولحظة الإيديولوجيا ولحظة الجسد، كتعبير مكثف عن النسيج الثقافي والروحي تشابكت مع مخاض التجريب الروائي في الجزائر·· منذ الثورة التي أحدثها كاتب ياسين من خلال روايته ''نجمة'' في الذاكرة الروائية المغاربية، لم يكن سوى صاحب ''الحلزون الجديد'' الذي تمكن من إحداث ثورة في الكتابة نفسها كشكل من أشكال خلخلة بين الكتابة على صعيد الشكل وعلى صعيد الفكرة، لكن خلخلة البنى الذهنية التي ظلت تتحكم في الكتابة الروائية الجزائرية، خلال عقد الستينيات والسبعينيات·· ويعتبر هذا العدد الخاص نوعا من الإحتفاء بهذا الكاتب المعبر عن هشاشة المثقف وهشاشة المؤسسة الذهنية التي ظلت تعبر عن نفسها، من خلال التعابير الإبداعية، من شعر وقصة ومسرح ورواية·· شاركت في هذا العدد الخاص بالروائي رشيد بوجدرة خيرة الأقلام من المبدعين والباحثين الذين اقتربوا من النص البوجدري، لكن أيضا اقتربوا من الرجل في مختلف لحظاته المتألقة والخافتة··وكم تمنينا أن ترفق هذه المساهمات بحوار مفتوح وصريح مع الروائي بوجدرة، لكن للأسف بالرغم من موافقته المبدئية التي أكدها لنا، فإن رشيد بوجدرة لم يكن وفيا لوعده·· لكن ذلك لم يثننا عن عزمنا تكريم هذا الجهد المضني من الكتابة الذي قدمه رشيد بوجدرة للمشهد الأدبي منذ عقود طويلة··