اتهم وزير الشؤون الدينية والأوقاف، بوعبد الله غلام الله، أمس، الفيس المحل بالوقوف وراء أحداث العنف الأخيرة، مع أطراف أخرى تقف وراء موقع ''الفايس بوك''، موضحا في سياق متصل، أنه '' لولا أئمة المساجد وخطبة الجمعة لكانت الأحداث ستعرف خطورة أكبر مما عرفتها مقارنة بما كان يُحضر''، لكنه ساند بالمقابل مبادرة أئمة العاصمة الداعين مصالح الأمن إلى الصفح عن الموقوفين من المتظاهرين· استهل وزير الشؤون الدينية كلمته، في ندوة حول نبذ العنف، بالانتصار للأئمة، معتبرا أن ''سادة المساجد''، وفقوا إلى حد بعيد الجمعة الماضية في وضع حد للاحتجاجات· وقال إن المؤسسة المسجدية أفلحت في اندماجها الاجتماعي ''مع بقائها محافظة على خصوصيتها الدينية وعدم حلولها محل المؤسسات الأخرى المكونة للمجتمع''، نافيا بذلك تسجيل النسبة الكبيرة من الخسائر يوم الجمعة، إذ قال ''لقد وقعت أضخم الخسائر يوم الخميس، ولولا خطبة الجمعة التي ألقاها الأئمة لكانت الخسائر أفدح بكثير، مقارنة بما كان يتم التحضير له في هذا اليوم''· واعتبر غلام الله أن أئمة البلاد ''وصلوا إلى مستوى جيد من الوعي وانتهوا فرديا وجماعيا عن جعل الماديات هدفا مهنيا''· بعد ذلك هاجم الوزير المتظاهرين، قائلا إنهم ''لا يعرفون عن الغلاء والأسعار أو المسؤولية شيئا''، وأنهم أظهروا -في اعتقاده- للعالم أن ثورتهم ليست من أجل الحاجة أو الفاقة الاجتماعية، مضيفا ''من يراهم بالملابس والثياب والأحذية الفاخرة لا يعي سبب ثورتهم، وإذا كان يُفترض أن يثور أحد كان الأولى بالنساء أن يثرن لأنهن المعنيات مباشرة بالغلاء، فهن على الأقل غير عدائيات ولم يخربن لو خرجن إلى الشارع''· ثم أردف يقول ''العنف يأتي لنقص في إشباع الرغبات المختلفة''، أما هؤلاء فلم يثوروا لمسكن أو طعام أو ملبس، فالبلد مليء بالخيرات، فكيف ننكر هذا ومن يبدل نعمة الله من بعد ما جاءته''· وحث الوزير -أيضا- الأئمة في الكلمة التي ألقاها أمامهم، على التوجه إلى أولياء الشباب المتظاهر وتحسيسهم، قبل أن يتهجم على نواب البرلمان والمعلمين في المدارس، قائلا ''ماذا فعلوا هؤلاء لكي لا تحترق البلاد''، متهما المعلمين بالانقسام بين النقابات ''جريا وراء تسيير الخدمات الاجتماعية، بدل البرامج العلمية ومناهج التعليم والإنتاج العلمي''، متسائلا عما إذا كان النواب قد ظهر لهم أثر في الميدان خلال الأحداث· كما اعتبر أنه ''كان على طلبة الجامعة أن يمنعوا هؤلاء الشباب من هذا العنف· وخلال وقفة قصيرة مع الإعلاميين على هامش الندوة التي احتضنتها دار الإمام، انتقد الوزير التحاليل التي وردت في التلفزيون والإذاعة الوطنيين، نافيا عنها صفة العلمية· وقال الوزير، في سياق رده عن سؤال تضمن محاولة استغلال الأحداث من طرف أسماء من الفيس المحل، ''ومن تظنون أنه وراء الأحداث، إنه الفيس والفايس بوك طبعا''، ممتنعا عن الإجابة عن الكيفية التي يمكن للجزائريين التعبير بها عن آرائهم· أئمة العاصمة ''يا مصالح الأمن أفصحوا عن المتظاهرين'' وفي خطوة غير منتظرة، أصدر أئمة العاصمة بيانا أشاد فيه ''بالدور الإيجابي الذي قاموا به بالتنسيق مع مصالح الدولة، لاحتواء الأوضاع، من خلال جمعة السابع جانفي''· ووصف البيان ما قاموا به بالواجب الشرعي والوطني، مثمنين الإجراءات التي أمر بها الرئيس من خفض للأسعار وحماية للقدرة الشرائية ''التي كان لها الأثر الطيب في التهدئة· ودعا بيان الأئمة إلى مواصلة جعل المسجد القلب النابض للأمة وإبقاء حبل التواصل مع شباب الأحياء· وتوجه إلى المسؤولين بحثهم على جعل مصلحة هذه الفئة من المجتمع ''هي الأولوية''، قبل أن يطالبوا في النهاية مصالح الأمن، الأخذ بعين الاعتبار ''سن الموقوفين وعدم نضجهم في رؤاهم وتصوراتهم للحلول''، داعين للصفح عنهم وهو الموقف الذي لم ير فيه وزير الشؤون الدينية دعوة لتكريس سياسة اللاعقاب إذ قال: ''إن العقاب لا يجد نفعا''·