اكتشفت مدونة ''جبهة التهميش الشعبية'' الخاصة بالصحافية الثائرة، نوارة نجم، نهاية السنة الماضية، ومنذ تلك اللحظة واضبت على تتبع المدونة، كانت تثيرني كتاباتها المعارضة والغاضبة لأقصى الحدود، لم تكن تستثني من غضبها لا الحكومة ولا الولاة والرئيس ولا رجال الأعمال، كان الجميع في نظرها متهما بالتواطؤ، تمكنت من خلالها اكتشاف وجه آخر لمصر، يوميات المصريين بأعينها، مصر التي كانت تتحدث عنها نوارة نجم بعيدة عن مصر المسوق لها في الإعلام المصري العام والخاص، كانت كتابات نوارة نجم تكشف عن حقيقة البؤس والشقاء المسلط على المصريين، انتقلت صاحبة المدونة من الحديث عن أحوال المصريين إلى الحديث عن ثورة تونس، أقامت الدنيا ولم تقعدها، كانت وراء فكرة إرسال رسالة نصية عبر المحمول للتونسيين لا يهم أن تعرفه، يكفي أن ترسل مساندة لثورة تونس، فجأة تبدأ الحديث عن نقل الثورة في مصر، والبداية من يوم الغضب· 25 يناير، يوم الغضب من أجل التنديد بالقمع البوليسي، هكذا كانت تكتب نوارة نجم، مؤكدة على أن العديد من المدونات والصفحات الإلكترونية عبر الأنترنت شرعت في تنسيق الجهود من أجل حث الشباب المصري للخروج والمطالبة بالتغيير، من هنا كانت بداية الإحالة عبر صفحات الفايسبوك، فكان تعرفي على حركة ''كلنا خالد سعيد'' و''شباب 6 أبريل'' وغيرهما من الحركات الشبابية التي كانت تأمل إيصال صوتها للنظام المصري، ليس بغرض تجسيد التغيير في حد ذاته وإنما التعبير عن الغضب، وبالفعل كان يوم الثلاثاء الموعود، حيث خرج مئات الشباب والوجوه المعروفة لميدان التحرير، لم يكن أحد يتوقع أن تسير الأمور في اتجاه تكرار سيناريو تونس، وإن كان ذلك حلم الجميع· الاحتجاج السلمي قوبل بالقمع والعنف من طرف الشرطة التي احترفت كل أنواع الترهيب والترعيب، كانت نتيجته سقوط أرواح أبرياء، بمجرد سقوط أبرياء، تغيرت المعطيات ولم يعد يمكن العودة للوراء، بعدما أبان النظام وجهه، ليلتحق بركب المحتجين، مئات الشباب والعديد من الحركات المدنية إلى جانب الأحزاب المعارضة والشخصيات البارزة في المجتمع المدني، محمد البرادعي، إبراهيم عيسى، حمدي قنديل وغيرهم كثيرون· 28 يناير، جمعة الغضب: أكثر من مليوني مصري خرجوا من المساجد نحو ميدان التحرير للتعبير عن مساندتهم لثورة الشباب، عشرات الشخصيات السياسية، الدينية، الإعلامية والفنية كانت في مقدمة المسيرة نحو ميدان التحرير، حيث شهدت مواجهات بين الأمن والمتظاهرين، سقوط ضحايا وزيادة عدد المتظاهرين، انقسام الشارع المصري بين مساند ومعارض لمبارك بعد الخطاب الذي يستجيب فيه مبارك لبعض المطالب من قبيل تعيين نائب رئيس عمر سليمان، الشارع غير مقتنع بالوعود والتعديلات ويطالب برحيل مبارك ونائبه· 4 فيفري جمعة الرحيل، ثمانية ملايين مصري في الشوارع عبر محافظات الجمهورية للمطالبة برحيل الرئيس محمد حسني مبارك، استمرار انقسام الشارع المصري، الأغلبية تطالب برحيل مبارك، استمرار حشد الشعب عبر كامل التراب المصري من أجل تنحي مبارك· 10 فيفري خطاب الرئيس المصري يؤكد فيه تعهده بتفويض صلاحيته لنائبه عمر سليمان· 11 فيفري جمعة الوداع، 20 مليون مصري يخرجون للمطالبة بإسقاط مبارك· بعد ساعات من التكهنات يعلن عمر سليمان عن تخلي مبارك عن الرئاسة وتعيين المجلس الأعلى للقوات المسلحة لفترة انتقالية قبل تنظيم انتخابات حرة· أيمن نور، حزب الغد المعارض ''لا يمكنني أن أتحدث إليكم الآن، ما يحدث في هذه اللحظات أمر رائع لا أكاد أصدق ما يحدث في مصر، الشعب المصري يستحق هذا النصر، مصر تدخل عهدا جديدا، لابد من العمل على أن يكون عهد ازدهار عهد بناء، عهد الديمقراطية الحقيقية، حيث يمكن لكل أبناء مصر أن يجدوا مكانا لهم في وطنهم''·