سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المدير العام للمديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي البروفيسورعبد الحفيظ أورا ل ''الجزائر نيوز'': أقصينا ألف مشروع بحث وطني لعدم توفره على شريك اجتماعي واقتصادي
أكد المدير العام لمديرية البحث العلمي والتطوير التكنولوجي، عبد الحفيظ أورا، في حديثه ل ''الجزائر نيوز''، أن العجز المسجل في الموارد البشرية في مقدمتها فئة الباحثين الدائمين في الجزائر يحول دون تحقيق المعيار المعمول به دوليا، وأن الاستراتيجية الجديدة التي تبنتها المديرية من شأنها أن تجعل من الجامعة قطب استثمار.. قدر عدد البرامج الوطنية للبحث ب 34 برنامج بحث موزع على مختلف القطاعات، انطلقت عملية تجسيدها ميدانيا شهر جانفي الماضي، هل أقصيتم عدد كبير من المشاريع في التحضير لهذه العملية؟ في البداية، أريد القول إنه فيما يخص المشاريع الوطنية للبحث العلمي المقدر عددها ب 34 برنامج بحث وطني، كل المشاريع التي استقبلتها المديرية في غضون الفترة المحددة لذلك قابلة للتجسيد، لكن قمنا بإقصاء ما يقارب ألف مشروع من بين أربعة آلاف مشروع، هذا يعني أن عدد المشاريع الوطنية التي تمت الموافقة عليها قدر بثلاثة آلاف مشروع بحث وطني. ما هي أسباب إقصاء هذا العدد الكبير من المشاريع؟ تعود أسباب إقصائنا لهذه المشاريع إلى افتقارها للصيغة التي قدمت بها الشريك الاجتماعي والاقتصادي الذي يعد شرطا أساسيا ضمن قائمة الشروط، وبناء على ذلك تم إلغاء كل المشاريع التي لم تتوفر عليه، خصوصا وأن البرامج ذات صلة وثيقة بالواقع الاجتماعي الجزائري وتعالج المشاكل المطروحة في المجتمع، أي أنها تستجيب لمتطلبات الواقع الاجتماعي قصد إيجاد حلول لمختلف الإشكاليات. وبناء على ذلك، فإن ثلاثة آلاف مشروع التي تم قبولها، وزعت على الأشخاص المكلفين بتسييرها في مراكز ووكالات البحث التي تتوفر على أخصائيين وتقنيين، أوكلت لهم مهمة المعاينة التقنية والعلمية لهذه المشاريع باعتبارها الهيئة المخول لها أن تفصل فيما إذا كانت المشاريع تستحق أن تمول أو لا، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن 90 بالمائة من هذه المشاريع تمت معاينتها. هل تعني هذه النسبة أن أغلبية المشاريع إيجابية؟ لا يمكن أن نصدر حكما يقضي بإيجابية هذه المشاريع التي تم قبولها قبل أن تصدر النتائج النهائية التي سيتم الكشف عنها في أوائل شهر مارس، على أن تنطلق عملية التجسيد بأثر رجعي أي من شهر جانفي الماضي تاريخ منح الموافقة وقبول هذه المشاريع نظرا لكثرة عددها. كم تقدر قيمة الميزانية المخصصة لإنجاز هذه المشاريع؟ الميزانية المخصصة للبحث العلمي سنويا تقدر ب 20 مليار دينار توزع على إنجاز وتجهيز المخابر العلمية التي يفوق عددها 800 مخبر، ومن هذه الميزانية سيتم تمويل المشاريع المتعلقة بالبرامج الوطنية للبحث العلمي بعد صدور النتائج النهائية. أقر تقرير معد في مديريتكم أن نسبة البحث العلمي في العلوم الطبية لا تتعدى عتبة الصفر، ووصفتم وضعية البحث في هذا المجال بالكارثية، ما هي أسباب انتكاسة البحث في هذا التخصص الحيوي؟ من الصعب حصر الأسباب، لكن إذا ألقينا نظرة شاملة فيمكن القول إن البحوث العلمية المنجزة في هذا المجال قليلة جدا، لكنها تتسم بالنوعية، هذا ما يدفعنا إلى التأكيد على ضرورة إيجاد آليات التنسيق بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي، لأن البحث العلمي في العلوم الطبية له خصوصية تميزه عن غيره من العلوم، لكن ما نجده اليوم هو أن بعض البحوث تجرى في المستشفيات وأخرى في الجامعة، حتى الأستاذ يجد نفسه بين وضعيتين مختلفتين، أي أنه لا يفرق بين كونه أستاذا أو طبيبا، أضف إلى ذلك النقص الفادح المسجل في التجهيزات، وغياب المخابر في أغلب الأحيان في المستشفيات والجامعات، وأسباب أخرى لا تعد ولا تحصى، من المفترض أن الباحث قبل أن يلتحق بممارسة مهنة الطب لابد أن يتحصل على شهادة في العلوم الأساسية التي تؤهله للقيام بذلك، لكن -للأسف الشديد- ليس لدينا مؤهلات للبحث العلمي في مجال الطب، أريد القول إن ما يلاحظ هو أن معهد باستور تحوّل إلى مركز فقط لتوزيع اللقاحات، بالرغم من أنه يمكن أن يكون مركزا للبحث بوجود عدد كبير من الكفاءات العلمية فيه، ما من شأنه أن يؤهلنا للقيام ببحوث قائمة بحد ذاتها، وأقول هذا لأنني أعلم جيدا المستوى العلمي الذي تتمتع به الإطارات العلمية العاملة بهذا المعهد. تدني وضعية البحث العلمي لا يقتصر على العلوم الطبية فحسب، بل يتعداه ليشمل العلوم الإنسانية والاجتماعية التي يسجل بها ركودا كبيرا. ألا تعتقدون أن صدور القانون الأساسي للباحث، أبعد الباحثين عن الجامعة، لإقراره بوظيفة واحدة لهذه الفئة وهي البحث؟ لابد من التفريق في هذا المقام بين ازدواجية العمل من عدمها، فالأستاذ الباحث يؤدي وظيفة بيداغوجية تكوينية ووظيفة البحث. أما الباحث الدائم، فإنه يقوم بوظيفة البحث فقط، لكن ذلك لا يعني إقصاءه من العملية البيداغوجية، لأن هذا الباحث بإمكانه أن يكون أستاذا جزئيا في الجامعة، ومشاركته في النشاط الأكاديمي يتم بناء على طلب الجامعة وحاجتها إليه في التخصصات المطلوبة. هل يمكن أن يؤثر العجز المسجل في فئة الباحثين الدائمين على وتيرة البحث العلمي خصوصا في ظل عدم وصولنا إلى المعدل المطلوب الذي يتماشى مع المعيار المطبق دوليا؟ صحيح، إن المشكل المسجل بالنسبة لسلك الباحثين الدائمين هو قلة عددهم، حيث لدينا حاليا 1500 باحث موزعين على 25 مركز بحث، وهذا العدد ضئيل جدا لأننا نعاني عجزا في المورد البشري الذي يعد ركيزة وقوام البحث العلمي. فحاليا، لدينا صنفين من الباحثين، يشمل الصنف الأول الأساتذة الباحثين المقدرة عددهم ب 20 ألف أستاذ باحث موزعين على الجامعات، ويتضمن الصنف الثاني الباحثين الدائمين عددهم محدود جدا مقارنة بالتعداد السكاني بالجزائر المقدر ب 35 مليون نسمة، أي ما يعادل أقل من 600 باحث لكل مليون نسمة، وهذا يعني أننا لم نتمكن بعد من تحقيق المعيار المعمول به دوليا الذي يرتكز على أساس توفير ما يعادل 1200 باحث لكل مليون نسمة، لو نأخذ على سبيل المثال دولة اليابان نجد أن عدد الباحثين لا يقل عن 5200 باحث لكل مليون نسمة، وهذا مؤشر على المستوى العلمي للمجتمع، وأعتقد أن هذا العنصر هو الذي جعلها من أبرز الدول المعروفة بتقدمها العلمي، وأريد التأكيد أن إصلاح منظومة التعليم العالي لابد أن يكون مرفقا بالعنصر البشري، وأعتقد أن النتائج التي توصلنا إليها رغم محدودية الموارد دليل على المجهودات المبذولة في مجال تطوير البحث، لذلك لابد من استدراك العجز المسجل في الهياكل من خلال توسيع شبكة المراكز ووحدات البحث، كما أن مراكز البحث تخصص للبحث التطبيقي الذي يسمح بربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي وليس منح الشهادات. رغم التحفيزات المالية التي تقدمها المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، إلا أنه يسجل عزوفا كبيرا للباحثين عن الالتحاق بمراكز البحث بالجنوب، لماذا؟ أعتقد أن السبب الرئيسي الذي يحول دون التحاق حاملي شهادة الماستر والماجستير بمراكز البحث المتواجدة بالجنوب هو عامل المسافة، فبالرغم من التحفيز المادي، والدليل على ذلك أن أجر الباحث في ولايات الجنوب لا يقل عن 130 ألف دج، ومدير مركز البحث يقدر ب 260 ألف دينار، ومع ذلك الكل يرفض الالتحاق بها، هذا ما يدفعني إلى أن أوجه نداء إلى كل حاملي الشهادات العليا للالتحاق بهذه المراكز، لأن فرصة التوظيف متاحة أمامهم والدليل على ذلك أن عدد المناصب المالية التي تخصص في هذا المجال لا تقل عن 1200 منصب مالي، ومع ذلك أغلبية حاملي الشهادات العليا يفضّلون الالتحاق بالجامعات بدل مراكز البحث، وحجتهم في ذلك أن ساعات العمل في الجامعة أقل مقارنة بساعات العمل في مراكز البحث، لأن الباحث ملزم بالعمل لساعات أطول وطيلة أيام الأسبوع عكس الأستاذ الجامعي الذي يستفيد من العطل الجامعية، علاوة على محدودية ساعات التدريس. ما هي العوائق التي تحول دون صدور قانون أساسي للمساعدين بمراكز البحث؟ صدرت ثلاثة قوانين أساسية، يتعلق الأول بالاستشفائيين الجامعيين، والثاني بالأساتذة الباحثين، والثالث خاص بالباحثين الدائمين. أما فيما يتعلق بالقانون الأساسي الخاص بالمساعدين في مراكز البحث، ورغم مرور سنتين على ذلك، فإن سبب هذا التأخر راجع إلى صعوبة إدماج الأشخاص العاملين بهذه المراكز في الوظيف العمومي، لأن هذه العملية تتم بناء على ترتيب الشهادات العلمية، والقانون الأساسي الخاص بهم يعني كل الموظفين بدءا بحارس البوابة وصولا إلى المهندسين والتقنيين العاملين بها، لذلك فإن المشكل الذي نواجهه هو أن أغلبهم لا يملكون شهادات، بناء عليها، يمكن ترتيبهم في سلم الترتيب، لهذا فإن عدد المناصب التي تمت معالجتها تقدر ب 1200 منصب، ومن المنتظر أن يصدر القانون قريبا بعد الانتهاء من معالجة كل الحالات. ذكرتم أنه من الخطأ الفصل بين التعليم والبحث العلمي في الجامعات، باعتبار هذا يسمح بتعميق الفجوة، وبناء على ذلك تبنت المديرية استراتيجية جديدة، هل يمكن أن توضح لنا الأسس التي تركز عليها؟ الاستراتيجية الجديدة التي تبنتها المديرية العامة للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، ترتكز أساسا على مبدأ تطوير التكنولوجيات الحديثة، خلق إنتاج والتحكم في النوعية، لذلك قمنا بتوقيع اتفاقية مع وكالات تشغيل الشباب وفقا لما يسمح باستغلال الكفاءات العلمية من خريجي الجامعات وتقديم الدعم لهم من أجل تمكينهم من إنشاء مؤسسات صغيرة ومتوسطة، ويعد هذا الإجراء خطوة لربط الجامعة بالمحيط الاقتصادي والاجتماعي، وبناء على ذلك قمنا بتخصيص مكاتب عبر مختلف الجامعات للقيام بمهمة التكفل بالمشاريع التي يتقدم بها الطلبة من خريجي الجامعات وفقا لما يسمح باستغلال قدرات هذه الفئة، أي أن تتحوّل الجامعة إلى قطب للاستثمار، وأقصد بذلك أن الطالب عندما يوشك على الانتهاء من الدراسة، فإنه في ظل وجود مثل هذه الآليات لا يحتاج إلى أن يطرق أبواب أخرى خارج الجامعة، ومن خلال هذا الإجراء يمكن إنشاء مؤسسات اقتصادية جزائرية، لأن 90 بالمائة من المؤسسات الناشطة في السوق الاقتصادية بالجزائر هي مؤسسات أجنبية، وعلى سبيل المثال لو نأخذ تخصص التلحيم الصناعي، فإن الجامعة الجزائرية لديها من الكفاءات ما يسمح بتغطية حاجة المؤسسات، لكن التبعية للخارج هو ما يحول دون ذلك، فشركة سوناطراك تصرف ما يعادل 7 ملايير دينار في هذا المجال، لأنها تستعين بكفاءات من الخارج.