في تحليله لشخصية العقيد الليبي معمر القذافي، قال المفكر عزمي بشارة، إنه في النهاية ''براغماتي''، وليس متصلبا كما يحاول البعض تصويره· ولعل من أبرز وجوه البراغماتية في شخصية القذافي التي مكنته من البقاء في كرسي الحكم أكثر من أربعة عقود كاملة من الزمن، استعماله للمشاهير من السياسيين والفنانين والرياضيين واستغلال شعبيتهم الكبيرة في التسويق لصورته حتى ولو دفع ملايير الدولارات في سبيل ذلك، طالما أن ضرع بقرة البترول الليبي لن يجف في المستقبل المنظور وفي النهاية لن يدفع مليما واحدا من جيبه الشخصي· ولعل من أبرز الشخصيات التي استخدمتها الدعاية القذافية، نجم الكرة العالمية وأسطورتها في ثمانينيات القرن الماضي، الأرجنتيني دييغو ماردونا الذي زار لبيبا قبل سنين، مقابل مبالغ ضخمة من الدولارات الأمريكية، من أجل ''تدريب'' الساعدي القذافي الذي كان يحلم بأن يكون نجما كرويا قبل أن يتحوّل الآن إلى ''نجم'' في مليشيات العقيد التي تقاتل من أجل البقاء في السلطة بأي ثمن· ولم يتوقف الأمر عند الرياضة، التي قال بشأنه القذافي في ''كتابه الأخضر'' إنها ''نشاط عام ينبغي أن يمارس لا أن يتفرج عليه'' ومع ذلك تحوّلت في ''جماهيريته'' إلى وسيلة دعائية بالدرجة الأولى· وتعدى الأمر إلى نجوم الغناء العالمي مثلما كشفت عنه وثائق وكيليكس، مؤخرا، عندما قالت إن نجل القائد، سيف الإسلام الذي كان قد دفع ليلة رأس سنة 2009 ما يعادل المليون دولار أمريكي للمغنية الأمريكية ماريا كاري حتى تحيي حفلا خاصا به، وحدث هذا في إحدى جزر الكاريبي· وقالت تقارير وكيليكس إن عائلة القذافي استقبلت فنانين مثل بيونسي وآشر للغناء بمبالغ خيالية في حفلات رأس السنة· ويتعامل أبناء القذافي كأمراء حقيقيين دون أن تكون لهم أي صفة رسمية في ''جماهيرية'' القذافي الأب، الذي كانت ومازالت له علاقات مع فنانين مشهورين صرف في سبيلهم الملايير ووظف أسماءهم في لعبة المجد الذي يريده، ومن بين الفنانين الذين وظفهم في هذا الإطار، وردة الجزائرية التي غنت له في وقت كانت العلاقات متوترة جدا بين العقيد والرئيس المصري الأسبق أنور السادات· ورغم أنها جنت الكثير من القذافي، إلا أنها خسرت على الصعيد المصري عندما تم منع أغانيها من البث في الإذاعة والتلفزيون· واحتاجت إلى وقت طويل حتى ''ترقع'' الأمر على الصعيد المصري· ومن الفنانات المقربات من العقيد الليبي، صباح اللبنانية، التي كان القذافي قبل سنوات قد أرسل إليها مبلغا ضخما من المال اشترت به بيتا في بيروت بدلا من بيتها القديم· إنها البراغماتية على طريقة العقيد الذي بقي طويلا في الكرسي مستفيدا من صيت الفنانين الذين صرف في سبيلهم المال من أجل البقاء في الكرسي وليس حبا فيهم، وقائمة الفنانين الذين تم استخدامهم تبقى طويلة·