يعتقد الأستاذ فريد مصباح بأن عزم الدول الغربية على إنهاء الأزمة الليبية تقف وراءه مصالحها الاقتصادية وتحديدا النفطية في المنطقة العربية ككل· إلى أي مدى استطاعت اضطرابات ليبيا وقبلها مصر وتونس التأثير على الاقتصاد العالمي؟ بالنسبة لي وفي اعتقادي إذا كانت هناك انعكاسات سلبية على الاقتصاد العالمي لا تكون إلا في قطاع النفط، لأن معدل مساهمة البلدان العربية لا يمثل إلا 3% من الناتج العالمي، يعني أنها ضعيفة، وبالتالي فإن التأثيرات في العالم العربي ككل أو حتى في البلدان التي تقود الاقتصاد العربي مثل مصر أو تونس أو الجزائر لا يؤثر كثيرا على الاقتصاد العالمي، بينما الأزمة التي تمس قطاع النفط في ليبيا حيث تجري الحرب تنعكس على حد ما على الاقتصاد العالمي لأن ليبيا تعتبر ثاني أو ثالث منتج للنفط في إفريقيا والانعكاس يكون نسبيا، إذ من الممكن مثلا أن تتراجع الكميات المعروضة في السوق العالمي، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار كما هو حاصل في هذه الأسابيع، لكن أنا أقول إن هذا ليس السبب الوحيد الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط لأن هذه الأسعار تتأثر بالتخوفات، أي أن السوق فيها تخوف نفسي، حيث أنها تتخوف من استمرار انخفاض العرض بانتشار الأزمة أو الاضطرابات إلى السعودية أي هناك في ارتفاع الاسعار نوع من المضاربة على المواد النفطية في الأسواق المالية· ولهذا تتأثر السوق وتصبح متشائمة من الوضع، وينجر عن ذلك مضاربة قوية على أسعار النفط العالمي، أي الخوف يصبح كمحرك قوي لارتفاع الاسعار· هل تعتقدون بأن الغرب سيسمح بانتشار الاضطرابات في دول الخليج؟ لا أعتقد ذلك لأن الغرب في تبعية كبيرة اتجاه الخليج والسعودية على سبيل المثال لأنها تتربع على ما يمثل %25 تقريبا من احتياطات النفط العالمية· كما أن الغرب يخاف كثيرا من الاضطرابات في الخليج لأن ذلك يؤدي إلى انخفاض قوي ومفاجىء للعرض مما يلهب أسعار النفط الدولية التي لا محالة تؤدي إلى أزمة اقتصادية تزيد من حدة الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة· يرى البعض أن التهديد بحسم الأزمة عسكريا من طرف الغرب نابع من تخوفه على النفط؟ أعتقد بأنه نفطي لأن من مصلحتهم ألا يستمر التأزم في ليبيا لأسابيع أو أشهر، وهي الأزمة التي قد تؤدي إلى انقطاع تزويد ليبيا السوق العالمي بالنفط، جراء تدمير المنشآت النفطية، وهذا في غير صالح الغرب لأن تدمير الإنتاج النفطي يؤثر على الغرب وهو ما يجعلني أقول بأن الغرب يريد إنهاء الأزمة سياسيا أو عسكريا وبأي طريقة كانت، لأن في ليبيا شركات أمريكية، بريطانية، إيطالية ولهذا لا يريد تعطيل الانتاج النفطي وهو ما يفسر إصرار هذه الدول على إنهاء الأزمة وإيجاد حل في القريب العاجل، كما أنهم يخافون من استمرار الوضع الحالي في ليبيا وانتشاره إلى بلدان نفطية أخرى· هل تشكل نوعية النفط الليبي عنصرا هاما يزيد من تخوف الغرب؟ صحيح أن نفط شمال إفريقيا ممثلا في الجزائر وليبيا يتميز بنوعية خاصة عن الأنواع الأخرى الموجودة في بلدان أخرى، وهو ما يسمى بالخفيف، حيث أن جودته تكلف أقل ثمن عند تحويله إلى مشتقات لأنه يمتاز بكمية من الكبريت الضعيفة، وهو ما يجعل استخراج المشتقات منه أقل تكلفة مقارنة بالأنواع وكذلك نوعية المشتقات تكون عديدة مما يستخرج من النفط الثقيل الذي يوجد عادة ببلدان الخليج.