ميناء الجزائر: فتح أربعة مكاتب لصرف العملة الصعبة بالمحطة البحرية للمسافرين "قريبا"    دورة "الزيبان" الوطنية للدراجات الهوائية ببسكرة : 88 دراجا على خط الانطلاق    أمطار رعدية على عدة ولايات من الوطن يومي الجمعة و السبت    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يحول الضفة الغربية إلى سجن مفتوح بوضع عشرات البوابات الحديدية    فايد يؤكد أهمية تعزيز القدرات الإحصائية من خلال تحديث أدوات جمع البيانات وتحليلها    اللجنة الاستشارية ل"أونروا" تطالب الكيان الصهيوني بتعليق تنفيذ التشريع الذي يحد من عمليات الوكالة في فلسطين المحتلة    معسكر: الشهيد شريط علي شريف... نموذج في الصمود و التحدي و الوفاء للوطن    رئاسة الجزائر لمجلس الأمن: شهر من الإنجازات الدبلوماسية لصالح إفريقيا والقضايا العادلة    كرة القدم/الرابطة الأولى "موبيليس": مباراة "مفخخة" للمتصدرواتحاد الجزائر في مهمة التدارك ببجاية    فلسطين: غوتيريش يطالب بإجلاء 2500 طفل فلسطيني من غزة "فورا" لتلقي العلاج الطبي    انتخابات تجديد نصف أعضاء مجلس الامة المنتخبين: قبول 21 ملف تصريح بالترشح لغاية مساء يوم الخميس    وزير الاتصال يعزي في وفاة الصحفي السابق بوكالة الأنباء الجزائرية محمد بكير    السوبرانو الجزائرية آمال إبراهيم جلول تبدع في أداء "قصيد الحب" بأوبرا الجزائر    الرابطة الأولى: شباب بلوزداد ينهزم أمام شباب قسنطينة (0-2), مولودية الجزائر بطل شتوي    وزير الثقافة والفنون يبرز جهود الدولة في دعم الكتاب وترقية النشر في الجزائر    تنوع بيولوجي: برنامج لمكافحة الأنواع الغريبة الغازية    بصفته مبعوثا خاصا لرئيس الجمهورية, وزير الاتصال يستقبل من قبل رئيس جمهورية بوتسوانا    اللجنة الحكومية المشتركة الجزائرية-الروسية: التوقيع على 9 اتفاقيات ومذكرات تفاهم في عدة مجالات    رياح قوية على عدة ولايات من جنوب الوطن بداية من الجمعة    وزير الصحة يشرف على لقاء حول القوانين الأساسية والأنظمة التعويضية للأسلاك الخاصة بالقطاع    وزير الصحة يجتمع بالنقابة الوطنية للأطباء العامين للصحة العمومية    رسالة من تبّون إلى رئيسة تنزانيا    لصوص الكوابل في قبضة الشرطة    تعليمات جديدة لتطوير العاصمة    عندما تتحوّل الأمهات إلى مصدر للتنمّر!    بوغالي في أكرا    توقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    محرز يتصدّر قائمة اللاعبين الأفارقة الأعلى أجراً    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    التلفزيون الجزائري يُنتج مسلسلاً بالمزابية لأوّل مرّة    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    الأونروا مهددة بالغلق    فلسطين... الأبارتيد وخطر التهجير من غزة والضفة    شركة "نشاط الغذائي والزراعي": الاستثمار في الزراعات الإستراتيجية بأربع ولايات    تحديد تكلفة الحج لهذا العام ب 840 ألف دج    السيد عرقاب يجدد التزام الجزائر بتعزيز علاقاتها مع موريتانيا في قطاع الطاقة لتحقيق المصالح المشتركة    مجموعة "أ3+" بمجلس الأمن تدعو إلى وقف التصعيد بالكونغو    غرة شعبان يوم الجمعة وليلة ترقب هلال شهر رمضان يوم 29 شعبان المقبل    اتفاقية تعاون بين وكالة تسيير القرض المصغّر و"جيبلي"    لجنة لدراسة اختلالات القوانين الأساسية لمستخدمي الصحة    الرقمنة رفعت مداخيل الضرائب ب51 ٪    4 مطاعم مدرسية جديدة و4 أخرى في طور الإنجاز    سكان البنايات الهشة يطالبون بالترحيل    توجّه قطاع التأمينات لإنشاء بنوك خاصة دعم صريح للاستثمار    رياض محرز ينال جائزتين في السعودية    مدرب منتخب السودان يتحدى "الخضر" في "الكان"    السلطات العمومية تطالب بتقرير مفصل    شهادات تتقاطر حزنا على فقدان بوداود عميّر    العنف ضدّ المرأة في لوحات هدى وابري    "الداي" تطلق ألبومها الثاني بعد رمضان    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    وهران.. افتتاح الصالون الدولي للشوكولاتة والقهوة بمشاركة 70 عارضا    صحف تندّد بسوء معاملة الجزائريين في مطارات فرنسا    العاب القوى لأقل من 18 و20 سنة    الجزائر تدعو الى تحقيق مستقل في ادعاءات الكيان الصهيوني بحق الوكالة    عبادات مستحبة في شهر شعبان    تدشين وحدة لإنتاج أدوية السرطان بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقل نقدي في السعودية
نشر في الجزائر نيوز يوم 21 - 03 - 2011

في السعودية خصائص التكوين وقدر المواجهة يكتب المفكر السوداني الراحل أبو القاسم حاج حمد عن المملكة العربية السعودية بوصفها الدولة المنسية في معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، وهو في ذلك راح يقدم قراءة معمقة في تاريخية المملكة ص''راهنها'' مكامن مخاوفها وأسرار عجزها، ثم التشكلات المبكرة للعقل النقدي السعودي ببروز طلائع الليبراليين والعلمانيين، فضلا عن الصحو بين الحداثين وجماعات الإسلام الحركي وخطاباتهم الجديدة المنافحة عن مبادئ المشاركة والمواطنة والمناصمة..
ليس هنالك من فجاءة أو غريب أمر أن تسابق المملكة الزمن الثوري العربي و قذف بحزمة إصلاحات وتغييرات درءا لعاديات محدقة وانفجارات تتوالى يخشى وصولها حيث مهد الإسلام والنفط والملكية وولاية الوهابيين.
ما عاد هناك بد من التوهيم بأن هذه الحاضرة أو هذا المواطن مختلف عن غيره، فالوصفات السحرية يسري انتقالها على النحو الأسرع بفضل ديمقراطية التعبير العام على الشاشات اللاافتراضية، نحن اليوم أماما ''هايدبارك'' عالمي في المقال السياسي والاحتجاج، في الاستشارة والمناصحة، في التأجيج والتثوير، في المراقبة والتوجيه والتحريف والتضليل، فإن هذا الخروج السعودي الرسمي مؤخرا هو حاصل القراءة للحدث ومفاعيله.
أقول إن الغلق على المناخ الثقافي في بلاد السعودية كان حصرا بعاملي النفط والقبيلة يسورها الدين، الدين في نمطه الماضوي، الوهابي، في سقفه الأعلى من حيث التشدد والإنغلاق، مظاهره مجلاه، وعلاماته بارزة أيما بروز، تحريم سياقة المرأة المسلمة للسيارة، النقاب ولزوميته الدينية، تحريم الغناء والموسيقى، تحريم الاختلاط والرياضة النسائية، سلة محرمات لا تنتهي في السعودية وهي تجربة ثلث قرن أو تزيد في الحكم الملكي الذي يماهي السلطة الدينية المتعالية بنزوعه الدنيوي في ممارسة خياراته في الكسب والمتعة، في الحياة ومباهجها، في التعليم وأضراب المناهج الغربية تلك تدرس لأفراد العائلة في جامعات بريطانيا وأمريكا، هذه الأنانية المفرطة التي تميز لوحدها ذهنية حكم عن أخيه، طبيعة نظام عن آخر، ففي الوقت الذي يحكم فيه المجتمع السعودي بأجياله المتعلمة، الراغبة في الحداثة والتفتح، بنسائه الكاتبات الضليعات في فنون البلاغة والأدب والسرد يحكم هؤلاء على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم بالفكر القبلي، الإرتجالي، المتكلس، وتحرض عليهم فئات من المطاوعة والعسس تجنح نخبة القصر إلى الغرب بأسورة بمشروع الحياة الحرة، الدولتشي فيتا، حيث شواطئ كان دنيس والبالمادي مايوركا، حيث النساء نصف عاريات، شمس سنغافورة، حيث أشرطة الموسيقى والرقص، حيث العولمة ومآثرها العظمى..
هذه البنية الماضوية التي تعيش بقدمين، يمنى نحوا لقديم التليد، ويسري نحو الطيران بالنفس والعقل والروح والجسد إلى سماوات لا يعرفها أحد، ولذات غير منقطعة لا يعرفها أحد، فأما الأولى فتخص المجتمع لوحده مع وحده والثانية هي لمؤسسة القصر وأهله من غرب وتغرب وعشق للجادات الفسيحة ومقاهي سارتر وكامو وأفلام فيليني وبرغمان، إذا ما صادفت سعوديا في باريس أو بيروت فسيكون هكذا التفسير، وهكذا هي محنة السعودي على الرغم من تجنبه استعمال المصطلحات الراديكالية ودعاوي الإقناع في حق مؤسساته، لكن النبرة المتبرمة تتصاعد والنقمة تزداد، تشعر في السعودية أن المشكلة ثقافية، سلوكية، حياتية ومرتبة ترتيبا منطقيا منهجيا، يبدي السعودي ميلا وشبقا إلى الحياة تنعدم عند عربي آخر، وهو يعكس منتوجا تنمويا رضائيا توفر بفعل النفط وغنائمه التي لا تحصى ومن مثالب المشروع التنموي السعودي أنه لم يحدثن الإنسان، الشباب والمرأة خاصة فيما تتمدد النزعة الإستهلاكية على مساحة واسعة ظاهرة للزائر بمدينة جدة والرياض كذلك ومدن أخرى كأبها والطائف، فضلا عن مكة والمدينة، هاتين الأخيرتين وما يستقطبانه من عباد وطالبي نسك وحجيج لا تغيب عنها نسخة الحداثة المهجنة بالرؤية الدينية المتزمتة وروح محمد عبد الوهاب الإصلاحي المعروف، فأنت ترمق واجهات المحلات في المراكز التجارية الكبرى فلا ترمق النقاب والدشداشة والغتر وغيره من اللباس التقليدي، العربي، القبلي والمصنوع في تايوان والصين وماليزيا وتركيا، بل أنت سترمق أيضا ألبسة الباريسيات المكشوفة، ماكياج من ماركات ''بورجوا'' و''لوريال''، قبعات صيفية للبحر للمسلمات الموسرات من دول مجلس التعاون الخليجي، ساعات راما وتيسوا الفاخرة لسادة الخليج، هي محافظ جلد من كل نوع وحقائب السمونيت، أضف لذلك نكهة الكابوتشينو في كل مكان وحلوى الدوناتس والسجائر الباذجة من دونهيل ودافيدوف وربطات عنق للويس فيتون وكريستيان دولاكروا، هذه التفاصيل من الهجنة في الملبس والذوق غير منسجمة إطلاقا مع الروح والعقل والفؤاد والعالم الباطني، إذ يبدو التطلع إلى حياة أخرى، مبتهجة، مفعمة بالأحاسيس الحرة، والتكشف والإنطلاق هاجس الإنسان السعودي الجديد وهو يخجل من أن يفتح نقاشا في المملكة قد يكون الرد عليه بالتخوين أو التكفير أو التفسيق.
هذا الخجل الصموت يترجم مقولة إحداهن، ''الهيئة في بعض الأحيان تبالغ في تقييد حركة الناس وتصرفاتهم حينما يموتون في الساحات العامة..''.
وعليه، فإن نهضة الجيل الجديد من السعوديين، سوف لن تكون إلا من أجل منظومة حياتية نوعية، التنمية وشؤونها مجرد توابع، بل حتى في التنمية نفسها تترتب فلسفة جديدة فما جدوى النوادي والفسحات وأماكن اللهو، فيما اللهو محرم كما هي الأفكار والمعتقدات في كابول أو قندهار، أن النخبة الجبارة التي تتحرك اليوم على الأقل كأفق نظري، تفكيكي من ليبراليين وإسلاميين وصحوبيين لا تذهب في التهويمات والتوهيمات، لا تعلب، ولا تصدر أفكار طازجة عن النسق الإنساني العام، ولا حتى تغريبية، تدعو إلى النمذجة والولاء المطلق، فهي لم تصل إلى ذلك، ليس لها من جرأة وقوة جهر، وهي قريبة إلى صوت الشباب السعودي وشخصيته ففي أول الأجندة التخفيف من الغلو الديني وتقليم أظافر مؤسسات الهيئة أو إحالتها على المعاش.
هذا الجيل من شبان ونساء ومراهقين هو الذي يكتسح معارض الكتب ويلتهم عشرات الروايات ويشتري كتب الفلسفة والنهضة والتقدم.
يذهب هؤلاء إلى أسواق الكتب وهم ينقبون عن مناجم الحرية وكسر الطابوهات ويدلفون على عالم الأدب الحر المكشوف وأدب السجون والمعتقلات وأدب الدين المطلق البوراني المشع، ففي البدء شرع النطق الإنساني المفتوح على الكون ونداءاته ويمتعض السعودي من تمكن الحوزة الدينية من بسط كامل نفودها وسلطانها عليه ولطالما حظيت هذه الحوزة بفضائل وامتيازات ومكاسب، كما تفردت في الرأي واستبعدت المخالفين وألجمتهم وأخرستهم، لكن العقل النقدي في السعودية بدأ يمدد في خطاه ويكسب مواقع ويسجل في المنظومة الوهابية الخروقات والزحزحة.
يكتب ويحاضر وهو معطاء كرجل كعبد الله الغذامي في نقده للأساسيات القبلية وتجذراتها، وتبرز رجاء عالم كروائية قوية في سردها المعقود من ذهب اللغة العربية التليدة، المتماسكة، حكي عن القبيلة والقبائل لم يكتب إلى الآن، وتبرع مي يماني في دراستها عن الجيل السعودي الجديد وهوياته المتغيرة، وتضع استفهامات بلا غطاء كاتبة سياسية مثل مضاوي الرشيد في بيانها من أجل الإصلاح المعنون ب ''مأزق الإصلاح في السعودية''، بينما يعهد سلمان العودة الشيخ القادم من منطقة القصيم المعروفة بالرافضة السياسية والفكرية، وهي أرض ابن العثمين واحد من كبار رجال الهيئة -رحل منذ سنوات-.
وكذلك الشيخ الملحد المنشق عبد الله القصمي، يعهد إلى سلمان نظرية الإسلام الإصلاحي غير الفتووي القائم على المناصحة والترشيد والطهرانية الفردية، وقد أبدى رأيا في عيد الحب قامت بسببه المملكة وقام حراس فتاويها قائلا ''جاز للمسلمين أن يحتفلوا بعيد الحب أو الفالنتاين''،
إلى كل هؤلاء ينضاف كثيرون يقرأون الإصلاح في السعودية بعين فاحصة، تتفرس ويأملون في مشايخيه أقل وحضور كثيف للحياة يجعل من قناة ''أل بي سي'' السعودية اللبنانية مقرها في الرياض وليس بيروت..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.