لم يكن ينقص الجالية المسلمة في فرنسا مزيداً من المتاعب والمضاعفات في ظل لهيب حملات الانتخابات الرئاسية التي بدا أن الصوت الأعلى فيها يعود لليمين الفرنسي المتطرف بقيادة ماري لوبان، وأطروحاتها التي بدأت بحملة ''اللحم الحلال'' ولم تنته بعد إلا على ''السند'' الكبير الذي وجدته في أحداث ''مونتوبان وتولوز'' لتجد الجالية المسلمة من جديد محاصرة في زاوية ضيقة تحاول جاهدة أن تنأى بنفسها من تلك الهجمات، في الوقت ذاته الذي كانت تحاول فيه أن تعيد ضبط تصريحات المرشحين الرئاسيين حيال تلك الجالية التي لم تخلوا من ''عنصرية وازدراء''، حسب رأي رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي، الذي اعتبر أن زيارة نيكولا ساركوزي لمسجد باريس الأسبوع الماضي مثلت تطورا مهما لإعادة التفكير في الخطاب المتبع من قبل بعض المرشحين حيال الجاليات المسلمة·· إلا أن الهجمات الأخيرة التي استهدفت مدرسة يهودية ثم الانفجار الذي وقع بالأمس قد أعاد العقارب إلى المربع ''الصفر'' إن لم يكن قد نحا بها إلى ما دون ذلك· والواقع أن هذه الأحداث، وبعيدا عن طابعها الجنائي والقانوني، فإنها ستمثل قاطرة البدء في حملات الانتخابات وربما في تحديد نتائجها لمن يملك القدرة على استثمارها في هذا السباق المفتوح على كل الصعد والإحتمالات· كما أن التحقيقات الناتجة عنها ستصبح مادة دسمة ليس لوسائل الإعلام، فحسب، بل أيضا للطامحين بالكرسي الأول في قصر الأليزيه، من جهة، وسيعزز حظوظ التيارات الأكثر يمنية في المشهد السياسي الفرنسي، من جهة أخرى· وقد تلقي خلفية منفذي الهجمات بظلالها ربما على العلاقات القائمة بين فرنسا وجنوب المتوسط، بشكل يعيد إلى الأذهان طبيعة العلاقة التي ظلت قائمة خلال عقد التسعينيات من القرن الماضي·ئ؟