الجمهور الرياضي الجزائري، وبالتحديد جمهور كرة القدم، أبدى استعدادا واضحا للتعبئة في مناسبات رياضية عديدة، ولعل أكثر الأحداث الرياضية تمثيلا ''مباراة أم درمان'' الشهيرة، التي انتهت بتأهل المنتخب الوطني الجزائري لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم بجنوب إفريقيا عام 2010، على حساب نظيره المصري· لكن في المقابل لم يبد حماسة كبيرة تجاه نجوم الساحة الرياضية الذين قرروا، وبشكل مفاجئ، دخول اللعبة السياسية كمترشحين للانتخابات التشريعية، بعدما كانت مشاركاتهم السابقة تقتصر على إعلان الدعم لمرشح معين على حساب آخر. خرجنا إلى الشارع محاولين معرفة آراء المواطنين بخصوص ترشح أسماء رياضية ثقيلة أمثال بلومي نجم منتخب الثمانينيات لكرة القدم، سواكري نجمة الجيدو الجزائري، سرار رئيس فريق وفاق سطيف ومدور رئيس فريق أولمبي الشلف، وقد التقت الآراء في كثير من النقاط بخصوص أسباب ترشح هؤلاء وغيرهم للاستحقاقات التشريعية المقبلة. التقينا علي، شاب في بداية الثلاثينات، كان يجلس بأحد مقاهي العاصمة حينما سألناه عن رأيه في أسباب دخول الرياضيين معترك السياسية، يقول: ''يبدو أن منصب البرلماني هو منصب مغرٍ من الناحية المادية، برأيي هذا ما يفسر تهافت الكثير من الوجوه المعروفة على الترشح، الأمر لم يمس الرياضيين فقط، فقد رأينا وجوه فنية، ثقافية، تلفزيونية، ومن المجتمع المدني كذلك· الغريب أن معظم هذه الأسماء غير متحزبة، لو كانوا قد ترشحوا ضمن قوائم حرة لكنا تفهمنا الأمر، لكن الغالب أنهم ترشحوا في أحزاب، والشائع أن الترشيح يكون بناء على انخراط، ونضال لفترة معينة ضمن الحزبب، وعن المستفيد من هذا الأمر يضيف علي: ''الطرفان مستفيدان، الأحزاب تنتفع من نجومية هذه الأسماء، والطرف الآخر يتخذ من الحزب غطاء سهلا ليصبح سياسيا، هناك بعض الشرفاء أصحاب النوايا الجيدة، لكنهم قلة بدليل أداء البرلمانات السابقة''. أما عن استقطاب الرياضيين للناخبين يقول علي: ''لا أظن أن الرياضيين قادرون على استقطاب الناخبين، هم سيستقطبون فئة صغيرة لا تفرّق بين السياسة والرياضة. الناخبون يعرفون أن الترشح هو من أجل امتيازات متعلقة بالأجر والإقامة، هذه الامتيازات لا توازي ما قدمه البرلمانيون السابقون للشعب''. أما فتحي، في الأربعينات، فقد بدا غير مكترث بترشح الرياضيين للتشريعيات المقبلة، يقول: ''إن يترشح هؤلاء أو غيرهم للتشريعيات فهذا خيار شخصي لا يعنيني، ما يهمني هو مدى مقدرة هؤلاء على تقديم إضافة للمجلس، لست أدري بالضبط إذا كان الأمر هو استنجاد من طرف الأحزاب بهذه الأسماء الرياضية الثقيلة لتحقيق فوز في التشريعيات، أم هي نية حقيقية في تغيير الوجوه القديمة بوجوه جديدة قادرة على تغيير الوضع''. وعن مدى إمكانية وصول رياضيين إلى قبة البرلمان، إضافة للحياة السياسية في الجزائر، يقول فتحي: ''المشكلة أن معظم هؤلاء ليس لديهم تكوين سياسي، لكن رغم هذا لا يمكننا الحديث عن إمكانية تقديمهم إضافة، لأن هذا الأمر يجب أن يخضع لمقارنات مع مجالس سابقة''· وعن رؤيته حول مشاركة الرياضيين في البرلمان وإذا ما تمكنوا من الفوز بمقعد، هل ستقتصر على موضوع الرياضة فقط، أم ستمس مشاكل المواطنين بشكل عام، يقول فتحي: ''إن كان هؤلاء قد ترشحوا لخدمة الشعب فعلا، فمن المفرتض أن يمثلوا من قام بانتخابهم، وبالتالي مشاركتهم يجب أن تكون وطنية وليست فئوية، البرلمان سيشرع لكل المجتمع الجزائري، وبالتالي على النائب أن يحيط بكل ما يخص كل فئات المجتمع''. إقتربنا من فيصل الذي بدا مستعجلا جدا، شاب في بداية العشرينات، بدا ساخطا على ما رآه استغلالا للشهرة الرياضية من أجل تحقيق مصالح شخصية، يقول: ''الرياضيون يتخذون من الشعبية التي حققوها من خلال إنجازات رياضية لا علاقة لها بالسياسة، طريقا للوصول إلى البرلمان. شهرة هؤلاء تفوق شهرة السياسيين، وبالتالي يدخلون معترك التشريعيات وهم واثقون من الفوز. بالنسبة لي هؤلاء ليست لديهم رغبة في تحقيق مكاسب سياسية للأحزاب التي سيترشحون ضمنها، بقدر ما يبحثون عن مكاسب شخصية ضيقة''. أما صفية، فلا ترى حرجا في أن يمثل الرياضيون الفئة التي ينتمون إليها في البرلمان، تقول: ''الرياضة الجزائرية منكوبة مثل بقية القطاعات، وليس أعلم بحال الرياضة من الرياضيين أنفسهم، هم من يعرفون مشاكلهم، وهم من سيستطيعون حلها. بالنسبة لي لا يهم أن يترشح رياضي للبرلمان، فهو مواطن في النهاية ويملك الحق، ما يهمني هو مقدرة هؤلاء على تقديم إضافة فعلية''·