فتح مهرجان سيدي بلعباس للمسرح المحترف، في دورته السادسة، ابتداء من أمس الثلاثاء، أولى جلسات النقاش حول العروض المتنافسة، حيث سلطت الأضواء على ''ابن الرومي في مدن الصفيح'' لفرقة ''الملقى'' بتندوف، و''أسكريال المهزلة'' للجمعية الثقافية الجيلالي بن عبد الحليم بمستغانم· تراوح الحديث بين إمكانيات الفرق الهاوية وإرادتها في تجاوز الصعاب، وبين إشكالية التمثيل باللغة العربية الفصحى ومدى تأثيرها في جلب أو تنفير الجمهور· قال بومدين بلا الممثل ومخرج ''ابن الرومي في مدن الصفيح''، إن أسباب اختيار نص عبد الكريم برشيد دون غيره من النصوص المتاحة لأنه: ''مكننا من العمل على الحقيقة والخيال في آن واحد، ولأنه أيضا ينطبق على حالنا في تندوف، حيث نعيش فعلا في مدينة من صفيح''، ويضيف معللا ارتباط الفرقة بهذا النص بالقول: ''الصور التي أظهرناها في المسرحية على الشاشة الخلفية للخشبة، تعكس واقع الحال عندنا، فنحن نتدرب في مثل ذلك المكان''. من جهته، أكد عبد الله الهامل، الذي أشرف على التصحيح اللغوي للمسرحية ووقف على إلقاء الممثلين واحترامهم قواعد اللغة، أن نص برشيد الذي كتبه في 1979 ''قوي وكبير، اخترناه لنجرب أنفسنا في هذه الفرقة الشابة التي أسسناها، أردنا أن يتعود الممثلون الجدد على نص بهذا البعد الجمالي والفني''. اِنصبت أسئلة الحضور حول الرؤية الإخراجية لبومدين بلا، وكيف أنه ترجم البعد الاحتفالي في المسرحية، فأوضح المخرج بداية أن مسرح تندوف ''ليس مرتبطا فقط بالعبث كما روّج عنه في السنوات الأخيرة''، بل ''العبث هو مجرد مرحلة في تجربتنا، لهذا انتقلنا إلى الاحتفالية على طريقتنا الخاصة''. وأجاب منتقديه في غياب الاحتفال على الخشبة بالقول: ''لكل طريقته في الاحتفال مسرحيا، عبد الرحمن كاكي مرجع لنا في الجزائر، لكن تبقى تجربته مرتبطة بما عاشه وببيئته، كذلك نطمح إلى تأسيس مسرح احتفالي يحترم خصوصية تندوف أو الجنوب عموما''، في إشارة منه إلى عامل الزمن والصمت والسكينة التي تميز المحيط هناك. صعوبات كثيرة تعترض عمل فرقة ''الملقى''، التي لا تملك لحد الآن مكانا يكفل لها شروط العمل الركحي، ناهيك عن عجزها على استعمال بعض المعدات التي منحها لها مسرح سيدي بلعباس، كما ذكر الهامل في تدخله. من جهتها، دافعت فرقة الجيلالي عبد الحليم المستغانمية، عن اختيارها للنص العالمي ميشال جلدرواد، وقال سبع عبد الحق المخرج والممثل الرئيس التي تقمص دور الملك، إن النص من نوع البسيكودراما، ينطبق مضمونه على أي بلد من البلدان، إلا أن الاختيار لم يكن قصديا، وقد اختير قبل الثورات العربية. للتذكير، عبد الحق وفّق إلى درجة كبيرة في التمثيل. إشتغلت الفرقتان على اللغة العربية، ما دفع بعض السائلين إلى الاستفهام حول قدرة الممثل الجزائري على هضم النص، والانسجام معه عاطفيا، بالنظر إلى أن الدارجة هي الأقرب إلى النفسية الجزائرية من أي لغة أخرى، وقد اعترف أعضاء الفرقة، أنها المرة الأولى التي يمثلون بالعربية، إلا أنهم يرون في ذلك مانعا في تعلم الإلقاء وإتقانه مستقبلا.