أكد لنا بعض المحلفين الذين التقيناهم بمجلس قضاء العاصمة، أنهم كانوا كغيرهم من المواطنين شغوفين لحضور قضايا جنائية يتحاكم فيها مجرمون عن تهم ثقيلة بتهديد أمن المواطن والدولة ومعرفة أسرار ما يدور بين القضاة لاستصدار أحكام في حقهم أو تبرئة ذمتهم، غير أن ''نظرتنا تغيرت بعد تلقينا استدعاء ات لمباشرة العمل كمحلفين، فأصبحنا نؤمن بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته لأننا نبلور قناعاتنا من خلال ما يدور في جلسة المحاكمة حتى نستطيع أن نقوم بدورنا على أكمل وجه مع القضاة المحترفين داخل قاعة المداولات''· وعن المشاكل التي يواجهها المحلف، تقول إحدى المحلفات أنها تعرضت لعقوبات من طرف رب عملها كونه لم يقتنع بعملها، معتبرا أنها تقوم بعمل موازي لتجني مقابله الأموال، في حين أنها لا تستطيع رفض دعوة الجهات القضائية لأنها إلزامية· ويضيف أحد المحلفين الذي سبق وأن اكتسب خبرة جيدة في المجال، أنه يجد نفسه مشتتا في بعض القضايا وسط عاطفته وضميره المهني خاصة ما تعلق بالقضايا الأخلاقية والاختطاف بطلب فدية والجرائم العابرة للقارات وحتى الإرهاب· من جانبهم، طالب المحلفون بإعادة النظر في اختيار المحلفين خاصة من حيث السن، حيث يجب اختيارهم من المتقاعدين لعدم إيقاعهم في إحراج مع أرباب عملهم ورفع المنحة التي يتقاضونها والمقدرة ب 1000 دج يوميا، التي باتت لا تكفيهم خاصة أنهم مجبرون على تأدية دورهم حتى ساعات متأخرة من الليل دون أن يستفيدوا من النقل، الأمر الذي يعرض حياتهم للخطر خاصة في كل مرة يستاء فيها عائلات المتهمين من الأحكام· سابقة في قضية الخليفة بقي المحلفان اللذان اختيرا في محاكمة القرن ''الخليفة''، بداية ,2008 طيلة شهرين متتابعين بعيدا عن عائلتيهما إلى غاية الانتهاء من المحاكمة· لكن حدث أن توفيت أثناء مجريات القضية والدة أحد المحلفين، مما استلزم ذهابه لتشييع جنازتها، فتقرر إرسال حرس معه يرافقه طيلة الوقت حتى لا يختلط بعامة الناس أثناء الجنازة ويفشي أسرار جلسة المحاكمة أو يتعرض لمضايقات تؤثر في قناعاته الشخصية· وحسب المحلفين، فإنهم يتعرضون لضغوط في سبيل الإمضاء على محاضر الحكم النهائية، وفي هذا الصدد لم يوافق مؤخرا، أحد المحلفين التصويت على الحكم الذي اتخذه القضاة والمحلف الثاني فيما يخص قضية قتل عمدي، وبالتالي رفضت الإمضاء على المحضر الحكم، فتعرضت للإهانة من طرف القاضية التي أجبرتها بكل الوسائل على الإمضاء حتى لا يجد دفاع المتهم وسيلة للطعن في شكله أمام المحكمة العليا· وفي حادثة أخرى أقبل النائب العام بإحدى المجالس القضائية على استبعاد أحد المحلفين من التشكيلة بسبب تحدثه مع أفراد عائلة متهم في قضية جنائية، قبل بدء أطوار المحاكمة مما يشكك في الحكم الذي سيصدره رفقة القضاة المحلفين، لأن تصرف المحلف يعتبر خرقا للشروط التي يجب أن تتوفر في المحلفين أثناء تأدية مهامهم وهي عدم الاحتكاك مع عامة الناس·