ماذا يمكنك أن تقول حينما نسمع بعد خمسين سنة من الاستقلال أن العلم الوطني يباع في فرنسا على شكل مناشف للاستحمام؟ وماذا يمكن أن تعلق حينما تقرأ خبرا يقول إن أرملة الشهيد دريد حسين تعمل منظفة منازل، وكيف يمكن أن يأتيك النوم بعد أن تقضي ليلة كاملة وأنت تتفرج على كركلا وهو يضحك على ذقون الجزائريين وهم يغدقونه بالتصفيق والمال؟ نهق حماري الذي يكاد يجن من الحرارة التي أصبحت تخنقه أكثر مما مضى وقال... الشيء الوحيد الذي يمكنك فعله هو أن تضرب رأسك على الحيط حتى تخيط عشر غرز تبقى شاهدة على الذل الذي سقاك إياه مسؤوليك الذين ينعمون بالاستقلال. قلت... كل هذا يا حماري؟ قال متنهدا... كل هذا وأكثر... ما حدث ويحدث وما سيحدث سيكون عارا على جبننا. قلت... هون عليك وانظر للكأس في جانبه المملوء؟ قال ناهقا... أتعبنا الكذب الذي طال كل شيء وحتى بعد الاستقلال لم نقدر على تنظيم لا احتفال يليق بنا ولا بشهدائنا.. قلت... كما أننا يا حماري لم نقدر أن ننظم جنائز محترمة لبعض من فارقونا. قال... قلت لك إن كل شيء مدروس بدقة في هذا البلد، ولا يمكن أن يحدث شيء دون الرجوع لأصحاب الحل والربط. قلت... وهل هؤلاء مهمتهم تقتصر فقط على تسويد وجه الجزائر؟ قال صارخا... وهل رأيت بياضا ما يلوح في الأفق؟ قلت... لحد الآن لم أر. قال... إذن ليس هناك في الجعبة أكثر مما هو موجود وادعي ربك أن لا يحدث ما هو أكثر. قلت... تتوقع ذلك يا حماري؟ قال... في بلاد العجائب يمكنك أن تتوقع الأسوأ خاصة إذا تعلق الأمر بالتاريخ. فكل من تراهم يشطحون وينطحون مهمتهم أصبحت للطمس والبخس فقط.