الشهر التاسع، نهايته·· الخريف على الأبواب وأوراق الشجر تدخل مع الريح التي تغير وجهتها كل يوم، بلا قرار، حبٌ مُعذَب لا يعرف الأين·· أو أي مكان في جغرافية المدينة· وما بين البشر يتطور الصراع·· في الأخير على اللاشيء· وحين تصاب بالجزع، اشمئزاز العيش، المُكدر الأول للرحيل·· فإذن عليك أن ترحل·· دون الالتفات إلى الوراء·· أعشاب البحر تميل مع الريح، تشارك حركة الموج الذي يلطم الشاطئ·· /ليس هناك أي مكان/ وأكملت /نحن نعيش في اللامكان/ الجملة المفضلة في أصداء الغروب الآتية من القوافل الراحلة، آه القوافل، أذكرها، كأن العالم في ترحل دائم· لقد جزع صديقي، أصابه جزع: عطل إمكانيات الدفاع· مع الحرية، الحرية الخادعة، في هذا الغرب الخادع·· تركتنا نتنعم·· خدعنا ترف الحرية، التعود عليها·· أفقدنا، الأمان في الغرب، غريزة البقاء ضد المتمرسين وخدعنا الغرب·· لأنه هيأنا لفهم الأخر·· فجلس /كامل/، ما بين أناس يترصدون حركاته·· خمسة وثلاثين عاما يتمرنون على فعل متكرر: هو القتل· ترهلوا··· /والله كنا مشغولين·· كانت بعض الإعدامات·· والله أنظر الرشاشات في صندوق السيارة/ يقولها العضو الحزبي الفعال من مدينة /الحلة/·· وهو يرفع بنطاله إلى الأعلى· ثم يطلب من صاحب موقد الشواء على الشارع العام·· /أرجوك أعتني بالكباب·· فنحن في جوع رهيب/· يرفع بنطاله من تحت بطنه المتهدلة، قميصه المندلق خارج الحزام، يلوح عليه الطين· ويرجع صديقي يحمل الغرب، رفاهية الحرية، إلى كائنات، تعودت الطعن في الظهر·· طعن يتساوى مع كتابة التقارير التجسسية، حزب سياسي، وأي حزب، يكتب، مشغولون هم بشكل دائم، في كتابة التقارير، أحدهم عن الأخر·· والآن يتحدثون عن الوطنية، كائنات /الشيزونفرينا/·· وصديقي يرجع يحمل انفتاح العقل في قبول هذا الأخر، العدواني المتحفز، لفعل القتل بدم بارد·· القتل بلا معنى·· حملَ أنفاس الحرية·· فكانت السيارات المفخخة·· الأعراب·· البدو الأقحاح بانتظار أنفاس الحرية المعذبة· وبقي الإنسان، فقط: احتياجاتٌ بهيمية·· لا غير· /هل ستجيء يا حمادي !/ /لا/ /ستفوتك الاحتفالات·· فهي في كل مكان/ شكرت صديقي الفنان /رشيد حميد/، بعد أكثر من 25 سنة من الغياب·· أسمع صوته في التلفون من احد أروقة أكاديمية الفنون الجميلة، هو يحدثني عن التفجيرات: كأنها ألعاب نارية·· العراقي لم يمت·· روح قوية·· لكن صديقي /كامل/ يعود من /بلجيكا/ كل مرة، يصر على الرجوع، رغم شعوره بضخامة الرعب هناك، لكنه تعود على إقلاقات هذا الرعب، المهول، ضد الحياة· وها أنا أجلس أمام وردة /الروز/ البيضاء·· أعد الأيام وهو يزور /بلجيكا/ لرؤية إبنه·· أو رؤية الأصدقاء·· أعد تراكمات العذابات·· في الفقدان· أتمنى أن يستطيل الزمان·· يطول·· ويرجع صديقي وأنا أناديه في التلفون: أيها الفيلسوف الهادئ·· كيفك·· كيف إبنك ؟ الفنان هاشم حمادي يكتب عن صديقه الشهيد كامل شياع