تجمع المئات من عمال مؤسسة النقل الحضري للجزائر العاصمة داخل مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين، أمس الاثنين، احتجاجا على الأوضاع المزرية التي يعيشونها منذ سنوات أمام صمت الإدارة والمدير العام للمؤسسة، الأمر الذي أدى إلى تراكم مشاكلهم المهنية خاصة ما تعلق بالأجور الزهيدة التي يتقاضونها. وما طبع غضب عمال النقل الحضري هي تلك اللافتات التي رفعوها وضمنوها مختلف أنواع الحقرة التي طالت عمال الشركة بكل فروعها. وخلافا للطابع الذي يميز عادة الحركات الاحتجاجية، فقد وصف من طرف بعض الذين تحدثنا إليهم بأنه احتجاج عمالي بعيدا عن النقابة التي يعتبرونها غير موجودة تماما، طالما وأنها انحازت للإدارة والمدير العام ولم تحاول الاستماع إلى انشغالاتهم ومشاكلهم، بل وأكثر من ذلك فقد اتهم العمال نقابة الشركة بمحاولة إجهاض كل الاحتجاجات والإضرابات التي قاموا بها لحد الآن، حيث لم تحرك ساكنا أمام التسيير الكارثي للإدارة ومديرها العام. رسالة سيدي السعيد لم تغير شيئا لم تكن هذه الحركة الاحتجاجية التي قام بها عمال مؤسسة النقل الحضري الأخيرة، حيث أكدوا لنا بأنهم سيستمرون في المطالبة بحقوقهم المسلوبة من خلال وقفات احتجاجية أخرى يعتزمون تنظيمها تبعا للنتائج التي ستفرزها حركة يوم أمس التي جاءت عقب حركة احتجاجية حاولوا تنظيمها خلال الأسبوع الماضي، غير أنها لم تكتمل بعد أن تدخل ممثلو وزارة النقل الذين طلبوا من العمال تأجيلها بسبب وفاة الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، غير أنهم فوجئوا بالصمت خلال الأيام الأخيرة مما دفعهم إلى تنظيم وقفة احتجاجية أخرى. وموازاة مع الانشغالات التي طرحها العمال، فقد بعث الأمين العام للاتحاد الوطني للعمال الجزائريين سيدي السعيد برسالة إلى وزير القطاع عمار تو طالب فيها بالحوار مع العمال، وبعد مرور يومين دون أن يلمس العمال تحركا من الوزارة، نظموا هذا الاحتجاج الذي طالبوا فيه بتنحية النقابة والمدير العام للشركة. المطالبة بتطبيق الاتفاقية الجماعية لسنة 1997 من بين المطالب الأساسية التي رفعها عمال النقل الحضري للعاصمة، تأتي قضية تطبيق الاتفاقية الجماعية لسنة 1997 التي بقيت حبرا على ورق ولم يتم تجسيدها على أرض الواقع لأسباب تبقى مجهولة لدى العمال، خاصة أن ما تضمنته من بنود واتفاقيات من شأنها أن تزيل الكثير من المشاكل المهنية التي يعاني منها العمال، حيث لم تكف المحاضر الكثيرة التي أُعدت لإرغام إدارة المؤسسة على تطبيقها خاصة الشق المتعلق بالأجور التي تبقى ضعيفة جدا مقارنة بالمؤسسات الأخرى، وهو ما وقفنا عليه عندما اطلعنا على الأجور القاعدية للعمال، حيث تتراوح ما بين 10 آلاف سنتيم و13 ألف دينار وهو ما يعني أنها بعيدة جدا عن الحد الأدنى للأجور المحدد ب18 ألف دينار، فيما لا تتعدى أقصى الأجور باحتساب المنح العائلية 26 ألف دينار. وإلى جانب هذا المشكل الذي بات يرهق كاهل العمال، هناك نوع من الخوف والتخويف الذي تمارسه الإدارة في حق العمال الذين يحاولون المطالبة بحقوقهم المشروعة وهو ما أثبتته شهادات بعض العمال الذين نددوا بمثل هذه الممارسات التي اعتبروها استفزازية لكنها سوف لن تحد من إصرارهم على مواصلة الاحتجاج والتشبث بمطالبهم المهنية. الحڤرة، الطرد والتأمين ثالوث المعاناة حسب جمال آيت مجان وهو نقابي في المؤسسة تم طرده منذ 5 أشهر، فإن عدد العمال الذين تم توقيفهم بلغ إلى غاية اليوم ما بين 850 إلى 900 عامل وهذا منذ قدوم المدير العام الجديد للشركة منذ حوالي أربع سنوات، في الوقت الذي تم توظيف عمال آخرين بطريقة ملتوية حسب ما جاء على لسان جمال آيت مجان “لا أضيف شيئا إن قلت أن أكثر ما يعاني منه العمال داخل هذه المؤسسة هو الحڤرة والتهميش والطرد وعدم تأمين بعض العمال رغم تواجدهم بالشركة منذ سنوات طويلة، وبالتالي فهم معرضون للطرد في أي لحظة وهذا بالتواطؤ مع رئيس النقابة والمدير العام للشركة، هذا الأخير اتهم العمال بالجنون، وقلل من حجم احتجاجهم بعد أن صرح بأن هناك 20 عاملا فقط هاجموا المديرية العامة، في الوقت الذي كان العدد بالمئات ويومها تم توظيف كلاب وأسلاك شائكة لمنع العمال من الدخول إلى المديرية العامة المتواجدة على مستوى بلكور". وعندما طرحنا سؤالا واضحا ومحددا على العمال المحتجين حول استمرار حافلات الشركة في تقديم الخدمة والعمل بانتظار، قيل لنا بأن الإدارة استنجدت بالمتربصين الذين يفتقدون إلى التجربة ولم يسبق لهم أن قادوا الحافلات، بالإضافة إلى الاستنجاد كذلك ببعض العمال غير السائقين الموالين للإدارة ونقابة المؤسسة، فيما تم تكليف المراقبين بسياقة الحافلات.