يظهر من خلال تصريحات مؤسسات فاعلة في قطاع البناء مثل مجمع “سورالكوف" حول عهد نور الدين موسى على رأس قطاع السكن، أن الوزير عبد المجيد تبون لم يعد صاحب مهمة واحدة فقط تتجسد في تقويض أزمة السكن، بل يجدر به أيضا تطهير القطاع إذا أراد السلامة لتنفيذ مخطط الرئيس في القطاع كونه “استلم حقيبة تحتوي على إحصائيات وأرقام مغلوطة أنجزها وزير سابق متواطئ مع مدراء دواوين" حسب تصريح خطير لمجمع سعيدة نزغة رئيسة “سورالكوف" للبناء والأشغال العمومية. تراهن كل حكومة تجيء إلى الجزائريين منذ سنوات على حل أزمة السكن كأولوية الأولويات، لامتحان مصداقيتها أمامهم، ولا تختلف حكومة عبد المالك سلال عن سابقاتها في هذا المجال، لهذا ضمّ فريقه المؤسس الأول لصيغة عدل التي شرع الجزائريون بداية الألفية الحالية، في الاعتقاد حقيقة بأن غيوم أزمة السكن بدأت تتبدد إلا أن رحيله في أقل من عامين على إطلاق المشروع جعل ثمار “عدل" تُقطف بعده وليس في عهده، ليُعلق رفع الرهان على صدور أخرى.. لكن إحدى هذه الصدور شهدت خلال عهدها برامج عدل شبه نهاية مأساوية، وليس هذا فحسب فبشهادة أحد أهم المجمعات العاملة في مجال البناء والأشغال العمومية فإن القطاع تعرض لمخطط تكسير رهيب نفذه موسى ومن معه من مدرائه السابقين للدواوين العقارية وإذا أراد الوزير الجديد أن يعمل حقيقة فعليه أن يتخلص من إرث موسى لأنه ببقائهم يبقى التكسير سياسة قائمة بذاتها".. هكذا تقول نزغة سعيدة، دون أن تكترث لأية نتائج يمكن أن تفرزها تصريحات خطيرة مثل هذه على مستقبل مجمعها، معتبرة الشهادة التي تدلي بها “شهادة حق". وتضيف الأخيرة إن رهان بناء المؤسسات الوطنية كان كبيرا في عهد نور الدين موسى إلا أن أداة الإنجاز هي بدورها تعرضت للهدم من خلال جعلها تستثمر دون أن تجني حقوقها من الأرباح كاملة، مما خلق بين المقاولين حيل كثيرة أدت بهجر المشاريع وتوقيف أخرى وتعطيل الكثير من مشاريع الزواج في المجتمع بسبب ما يتكبده القطاع من تأخرات. ليس هذا فحسب، بل تؤكد السيدة نزغة “لا أؤمن برقم واحد من الأرقام التي كان يعرضها الوزير موسى على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وأملنا كبير في أن تنتهي هذه السياسة مع رحيله عن القطاع فثقتنا كبيرة في الوافد الجديد والحكومة ككل بعد اللقاء الأخير الذي ارتحنا له كثيرا". من جهته، يؤكد رئيس الكنفدرالية العامة للمتعاملين الإقتصاديين، التي ينخرط تحتها أكثر المتعاملين، أن المؤسسات الخاصة في كافة القطاعات وليس البناء وحده “كانت ترى على أنها عدوة للجزائر إلا أن مراجعة بسيطة للذهنيات السائدة بيّنت أنها شريك حقيقي لا بديل عنه"، مضيفا “إن الرهان الذي ينتظرنا في بناء مشاريع السكن من حيث الإمكانيات كان ينبغي أن يرفع في عهود سابقة لتقوية المؤسسات الوطنية التي كانت تنال نظيراتها الأجنبية كل الدعم من البنوك في الاستثمار"، معتبرا أن ما يحدث اليوم في القطاع من أزمة نتيجة حتمية للسياسات السابقة، محاولا بذلك عدم تحميل النتائج لأداة الإنجاز المحلية، لوحدها “دون السياق السلبي جدا الذي نشأت وتطورت فيه إلى الصورة التي هي عليها اليوم". إن القسم الذي أدّاه الوزير تبون أمام المؤسسات الوطنية اختبار حقيقي لقدرتها وجرأتها على جعل المستثمر الأجنبي يستبعد من برنامجه الاستثمار في قطاع البناء، لكن من دون شفافية في الأرقام التي تحاول حكومة سلال اعتمادها، تعتبر مؤسسات الإنجاز أن المهمة شبه مستحيلة إذا لم تسبقها تصفية.