يبدو أن السلطة في بلادنا ليست في حاجة لتعرف لماذا لم تنتخب الأغلبية من الشعب ولا يزعجها أن تبقى الأمور “مايعة" دون تفسير ولا تحديد للأسباب، ويبدو أيضا أن أكثر ما كان يهمها هو أن “ترفد القصعة" بعد أن أكل من أكل ولا يهم أن يبقى بعضهم جائع أو حتى نصف جائع. هذا هو منطق السلطة في البلدان المتخلفة سياسيا والتي تدعي ممارسة الديمقراطية والشفافية، فعندنا مثلا منذ زمن، أكثر من نصف الشعب لا ينتخب ومع ذلك يقبل أن يُسيّر من طرف أشخاص لم يعطهم صوته ولا يزعجه أبدا أن يمارس الصمت المعلن إزاء كل هذا الصابوطاج. لا أدري لماذا لا يرفض هذا الشعب أن يُفرض عليه أشخاصا لم ينتخبهم ولم يقتنع بهم ويتمادى في التعامل معهم ولو على سبيل “التفراج فقط"؟ ولست أفهم لماذا لم ينزعج وزير الداخلية بهذه النتيجة التي قالت أكثر عن الصمت الذي يمارسه الشعب بل عكس ذلك توقع النتيجة حتى قبل إجراء الانتخابات وكأنه يقرأ فنجان امرأة أرملة أو مُطلّقة ويطمئنها بأن بختها سيأتيها ولو بعجوز “مكركب". هكذا تمارس السياسة عندنا بالفنجان أحيانا وبالكاراطة أحيانا أخرى ونادرا ما تكون بالديمقراطية والشفافية والصندوق، وما يثير العجب في كل هذا أن قراءة هذا “التقزان السياسي" يصيب دائما خاصة إذا كان “المُقزن" وزير الداخلية أو بلخادم الذي أثبت براعته في ضرب خط الرمل والتكهن السياسي. هذا حالنا وهذا حال بلادنا.. فعلا أمر محزن ومبكي ومقرف ويستاهل شربة شاي مسكرة حتى لو كانت بطعم ولون التوت.