عادت ظاهرة انجراف التربة ببلدية إليلتن، التابعة لدائرة إفرحونان والواقعة على بعد 70 كلم جنوب شرق ولاية تيزي وزو إلى الواجهة، وجلبت معها مخاطر أكبر باعتبارها تهدد بزوال قرى بأكملها، وأظهرت الإهمال الذي تمارسه السلطات والتي لم تتكفل بهذا المشكل رغم أن المنطقة شهدت شهر ماي المنصرم، انجرافا كبيرا كاد أن يودي بأكثر من 80 عائلة، ولم يتم تجسيد الوعود التي قدمها الوالي ولا السلطات العليا. تفاجأ سكان قرى بلدية إليلتن، ليلة الجمعة المنصرمة، من عودة ظاهرة انجراف التربة التي ضربت منطقتهم من ناحية الجبل المسمى “أزرو نطهور" على طول يزيد عن 3 كلم، وخلقت من جديد حالات الرعب والذعر في نفوس السكان تخوفا من تعرض حياتهم للخطر، خصوصا وأن الانجراف خلف كميات معتبرة وهائلة من الأوحال والمياه التي تدفقت من باطن الأرض. وتعتبر قرية آيت عيسى أويحيى من القرى الأكثر تهديدا من هذه الظاهرة، حيث أكد ممثل لجنة القرية في اتصال هاتفي مع “الجزائر نيوز"، أن قريتهم أصبحت في خطر حقيقي وأن السكان يعيشون كابوسا أسودا، مشيرا إلى أنه تم ترحيل 10 عائلات من منازلها بسبب خطورة الوضع واقتراب الانجراف إلى منازلها والذي يهدد بانهيارها في أي وقت ممكن في حالة استمرار الانجراف. وكشف عن أن الجسر الذي يعبر قريتهم تعرض للانسداد بسبب الأوحال المحملة بالأغصان، وخصوصا الأحجار التي وضعتها المصالح البلدية في الأكياس كدعائم لتقوية الأتربة ومنع انجرافها في الجهة العلوية، وأكد أن هذه الأحجار تم جرفها كليا نظرا لكثرة الأوحال والمياه وتسببت في غلق نفق الجسر، وهو الأمر الذي تسبب في تفاقم الظاهرة. ومن جهة مقابلة، ندد ممثلو سكان إليلتن، بغياب التكفل الفعلي بمشكلة انجراف التربة التي تشهدها منطقتهم، حيث وجهوا انتقادات لاذعة للسلطات على جميع مستوياتها وخصوصا السلطات الولائية، مشيرين إلى أن الأشغال التي باشرتها المصالح البلدية لم تنته وعرفت تأخرا كبيرا “المسؤولون يتحججون في تأخر الأشغال إلى رداءة الأحوال الجوية وصعوبة العمل في المنطقة بسبب الكميات المعتبرة من المياه والأوحال التي تدفق من باطن الأرض"، حسب تعبير ممثل السكان. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن الأشغال التي باشرتها المصالح المعنية في المنطقة وخصوصا على مستوى الواد الذي يشكل خطرا على القرى، لم تنته منذ أشهر رغم أن المسؤولين يدركون جيدا أن مواصلة الأشغال في فصل الشتاء أمر مستحيل. وكشف عضو لجنة قرية آيت عيسى أويحيى أن السكان أصبحوا يواجهون هذا المشكل بأنفسهم مثلما فعلوه خلال شهر ماي المنصرم، وحسبه، فقد تجند السكان بقوة مباشرة بعد تسجيل الانجراف لأجل نزع الأوحال والأحجار من نفق الجسر وتنظيف المجاري المائية ونزع الأوساخ من البالوعات، مشيرا إلى أن مصالح الحماية المدنية تنقلت إلى المنطقة لمساعدة السكان بإمكانيات مادية وصفوها ب«الغير فعالة" مقارنة بضخامة الظاهرة. وأبدى ممثلو السكان تخوفهم الشديد من تزايد خطر انجراف التربة خصوصا وأن الحالة الأولى التي تم تسجيلها حدثت على خلفية تساقط كميات قليلة من الأمطار، ناهيك عما سيحدث خلال اشتداد فصل الشتاء وعودة الثلوج مثلما حدث في شهر فيفري المنصرم. وأظهرت هذه الظاهرة الطبيعية التي ضربت بلدية إليلتن، أن السلطات وعلى جميع مستوياتها لا تعير أي اهتمام، خصوصا وأن خلال شهر ماي المنصرم، تنقلت إلى عين المكان لجنة مختصة متكونة من خبراء ومهندسين في الجيولوجيا وتقنيين وكذا العديد من مصالح المديريات المعنية، وأجروا دراسة للوضعية وقاموا بإعداد تقرير مفصل عن الظاهرة، وتنقل كذلك إلى عين المكان والي ولاية تيزي وزو السيد عبد القادر بوعزغي، وطمأن السكان بأخذ المشكل بجدية وحله بالبحث عن طرق علمية فعالة، كما وعدهم بتخصيص مخطط تنموي استعجالي من شأنها أن يتجنب مخاطر الظاهرة، ورغم مرور 8 أشهر عن ذلك إلا أن السكان لم يلمسوا أي جديد يذكر ولم يتم تجسيد المقترحات ميدانيا وبقيت ظاهرة انجراف التربة تهدد السكان وقرى بأكملها، فما عدا تخصيص بعض المشاريع التي وصفها ممثلو السكان ب«أشغال ترقيعية" وبعيدة كل البعد عن حجم وخطورة الظاهرة لم يتم تسجيل أي مشروع صريح وجدي من شأنه أن يقلل من الخطورة. ويظهر هذا الصمت المفروض من طرف السلطات الولائية وتماطلها في التدخل لمواجهة هذه الظاهرة الطبيعية تأكيد على مواصلة تكريس سياسات الإهمال واللامبالاة والتهميش، ولم تعد حياة المواطن تثير اهتمام السلطات بتيزي وزو، لاسيما وأنه كان بإمكان الجهات المعنية تخصيص مشاريع خلال فصل الصيف المنصرم قبل حلول فصل الشتاء. ويبقى سكان إليلتن، ضحايا “الظلم" ويواصلون معاناتهم وصراعهم مع الطبيعة في ظل غياب مبادرة فعلية من طرف الجهات المسؤولة.