تألق العرض المسرحي “امرأة من ورق" في نسخته بالأمازيغية، نهاية الأسبوع، ضمن السهرة الثالثة من المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي في طبعته الرابعة الذي تحتضنه مدينة باتنة إلى غاية 18 ديسمبر الجاري. وأعاد محبو الفن الرابع اكتشاف القصة التي اقتبسها للمسرح مراد سنوسي عن “أنثى السراب" للروائي واسيني الأعرج من خلال فرقة المسرح الجهوي “مالك بوقرموح" لبجاية التي أدت المسرحية باحترافية عالية. فقد تمكن مخرج العرض الفنان عمر فطموش، حسب العارفين بخبايا الخشبة، من إضفاء لمسته الخاصة على حركية الركح، وأن يجعل المتلقي يستمتع بأحداث القصة التي ترجمها إلى الأمازيغية عبد العزيز حماشي. وتروي أحداث “امرأة من ورق" الصراع بين الواقع والخيال أذكاه كاتب معروف حين عمد إلى استحداث شخصية لرواياته وأعماله الفنية سماها “مريم"، لكن سرعان ما تتحوّل هذه الشخصية الأدبية إلى هاجس يؤرق حياة زوجته يمينة. ووسط ديكور أنيق وجو شاعري وظروف استثنائية تلتقي صدفة المرأتان أو الحقيقة والخيال بعد أن يدخل الكاتب إلى المستشفى في حالة غيبوبة ويبلغ العرض عقدته حينما يشتد الصراع بين يمينة “المرأة الحقيقة" ومريم “المرأة الخيال"، فزوجة الكاتب تصر بأن غريمتها مجرد حبر على ورق وشخصية وهمية هي من أعطت لها اسم مريم. لكن ترد مريم بأنها حقيقة في حياة الكاتب الزوج وتستند إلى دلائل ملموسة وتواريخ وأزمنة لها مكانة خاصة في حياة الزوجين أمام إصرار يمينة المطلق برفض كل هذه الوقائع. لكن تنهي استفاقة الكاتب من غيبوبة الصراع بين المرأتين وتحوّل الخيال إلى حقيقة حين تكون مريم أول اسم يتلفظ به بعد غياب عن الوعي دام 25 يوما في إيحاء ذكي إلى أن مريم تكون المرأة التي احتلت عقله وقلبه دون منازع. ويسدل الستار عن العرض الذي صفق الجمهور مطولا لمخرجه عمر فطموش وأيضا لبطالاته كدجتول نسيمة وحاج حمو ابتسام واسعد عائشة اللواتي برعن في شد الحضور إلى الخشبة. ولم تستوعب قاعة عروض المسرح الجهوي لباتنة هذه السهرة الجموع الغفيرة من الجمهور وعشاق الفن الرابع الذين قدموا لمشاهدة عرض “امرأة من ورق" الذي سبق وأن نال نجاحا معتبرا لدى تقديمه لأول مرة باللغة العربية من طرف المسرح الجهوي “عز الدين مجوبي" بعنابة. يذكر أن “أنثى السراب" أو “امرأة من ورق" هي تكريم لرجال الفن والثقافة الذين غيّبهم الموت عن الساحة الثقافة بالجزائر.