ينقلنا الكاتب الجزائري “زين الدين بومرزوق"، مجددا فوق أوراق قصصه في مجموعته الأخيرة “أخيراً.. انهار جبل الثلج" نحو عوالم زمانية ومكانية مختلفة، عبر عشر قصص قصيرة ومتسلسلة، استطاع خلالها أن يُركّب نسيج خياله انطلاقا من بداية “المدينة الفُجائية التي يسقط فيها الثّلج ليلاً"، وتتجمّد جراء نسمات الفجر القوية التي تهب على أكوام الثلج الحزينة المتراكمة في غير موعدها الفصلي، ممّا يغيب ويجمد فيها أشياء كثيرة، حتى الحبّ، الذي أصبح بلا أيّة قيمة بين طرفين الصراع والتكامل الأبدي “هي" و«هو" والضّمير “أنا" إلى أن “وجد امرأة في مُفترق العذاب تنتظر فاحتفظ هو بدمعها". تنتقلُ قصص هذا الكتاب بين أماكن عديدة، مثل البيوت، المحلات أو الحقول والجبال، وفضاءات زمنيّة كالليل والنهار والأيام والمساء.. إلخ، مُقدمّة للقارئ صورة عن ريف لا يعرفه سكان الشمال في طقوس الحب وتقنيات الغرام ومُشاكسة الجنسين لبعضهما البعض في تحقيق تقارب عاطفي حميمي يُقرّر كسر جمود المدينة الباردة التي تنتظر “بداية فصل الصيف من أجل أن ينقشع بياض الفصول الباردة من على قمم الجبال لتنساب مياهه سواقي وجداول وأنهار صغيرة تحمل الفرح والبشرى..". مجموعة الكاتب “زين الدّين بومرزوق" القصصيّة تنطلق بقصة “أسئلة المدينةالبيضاء" المكتوبة في 6 جانفي 2012، حيث يُصور فيها المدينة المملوءة بالثلج المنهمر الذي يمسح حكايات الليل القاسية التي ينتحر فيها العشاق، وتطرح الأسئلة البريئة الزاهية الباكية، وتنتهي بعنوان “أخيراً انهار جبل الثلج" مُعلنا نهاية حب رجل لمرأة صارت تتخفى في ظل رجل آخر يختفي هو وراء صمتها. وقد عبر الأستاذ بالمدرسة العليا للأساتذة - بوزريعة - “عمر عاشور (ابن الزيبان)" في مُقدمته للكتاب عن وجود تحول ولمسة جديدة بأعماله بعد انتقاله إلى الجنوب، مؤكدا أن القاصّ “يملك نفسا ملحمياً أكبر من القصة، بما يجعله غداً يُفاجئنا بعمل روائي يُوظف فيه كل هذه التقنيات التي تواترت في قصصه، وهي تقنيات تنتمي إلى عوالم الرواية أكثر منها إلى عالم القصة".. وذلك أكيد ما يلمس من خلال عدة قصص من المجموعة “عشق في مدينة حالمة"، “سراب في مدينة الثلج"، “همس في ماتم رجل خانته الذاكرة".. للإشارة، فقد صدرت الطبعة الأولى لهذه المجموعة القصصية عن دار الكتاب العربي 2012، أما عن مُؤلفات الأديب زين الدّين بومرزوق الأخرى فهي تتراوح بين النقد “مُقاربة في القصة القصيرة الجزائرية المُعاصرة" عن مطبوعات إبداع، وفي القصة نجد “ليلة أرق عزيزة" دار هومة، “تشكيل في ذاكرة العين" الجاحظيّة، “الحجرالمُقدّس" مطبوعات اتّحاد الكتاب، بالإضافة إلى عناوين أخرى.