يعد طابع “آهلليل" الذي تشتهر به منطقة قورارة بالصحراء الجزائرية مهد الحضارة الأمازيغية، والذي تحتضنه منذ يوم الأربعاء مدينة تيميمون السياحية من أبرز الطبوع الفلكلورية والتراثية الذي تشتهر به المنطقة. ويدل “آهلليل" وهو تراث شفهي مصنف كتراث عالمي سنة 2005 من طرف المنظمة الأممية للتربية للعلوم والثقافة (اليونسكو) من ضمن أكثر من 40 نوعا من الأنواع الفنية الشفهية على تلك المجموعة من الإيقاعات الخاصة بسكان إقليم قورارة شمال ولاية أدرار سيما الناطقين باللسان الزناتي، كما أوضح الأستاذ الباحث بن زايد محمد سالم. ويكتسي هذا التراث المتجذر في التاريخ أهمية بالغة لدى سكان منطقة قورارة باعتباره وسيطا تاريخيا لمختلف جوانب حياتهم اليومية عبر مرور التاريخ، حيث تؤديه الفرق المختصة بطريقة احتفالية وفلكلورية مهيبة في المظهر عبر أماكن عمومية وفي لحظات من الخشوع والسكينة التي تخترق ليالي الصحراء الصامتة سيما في مناسبات زيارات الأولياء الصالحين الذين عمّروا المنطقة، وكذا أثناء الحفلات العائلية والأعراس. كما أن طابع “آهلليل" الذي طالما لازم أهل قورارة في أفراحهم وأقراحهم يستمد خصوصيته من الوضعية الفيزيائية التي يؤدى بها والمتمثلة في وضعية الجلوس المعروفة ب “تقرابت" التي توحي بفكرة التقريب، حيث يجتمع فيها المشتركون وهم جلوس بضم الركبة إلى أختها. وحسب الباحث ذاته، فإن المفهوم الواضح والدقيق للكلمة يحمل معانٍ عدة منها أن “آهلليل" هو تصور للكلمة العربية (أهل الليل) لأن هذا النوع من الغناء يؤدى أصلا خلال الليل وهناك من يربطه بالإسلام، فيقيم للكلمة الصلة والإرتباط المباشر مع فعل التهليل، وهو التلفظ بعبارة “لا إله إلا الله" لإعطاء الكلمة أبعادا دينية، بالإضافة إلى أن جل النصوص والقصائد المغناة تأخذ طابعا دينيا كالذكر أو الحمد أو الشكر لله عز وجل. كما يعد هذا التراث الشفهي ضاربا في التاريخ رغم أن السكان العرب انسجموا وتجاوبوا معه بصفة كبيرة وبطيبة خاطر في الأفراح والمسرات، حيث توارثته أجيال منذ عهود سبقت دخول الإسلام إلى المنطقة، كما ذكر المتحدث ذاته.