ينتظر أن يواجه المنتخب المصري نظيره الجزائري يوم 14 نوفمبر القادم في مباراة تعيد إلى الأذهان تاريخ المواجهات الطويل بين المنتخبين، يغلب فيها الصخب على الكرة·· يعاني المصريون كثيرا مما يسمونها ''العقدة المغاربية'' عموما، والعقدة الجزائرية على وجه الخصوص، وفي مقابل ذلك، يفتخرون بتفوقهم في مجمل المواجهات بين المنتخبين· ولا عجب أن كانت مناسبات المواجهة بين الطرفين تكتسي طابعا خاصا وتصحبها حروب إعلامية كبيرة حتى قبل بدايتها، ومن يرجع، مثلا، إلى سنة 1983 عندما التقى المنتخبان في آخر دور تصفوي من أجل الذهاب إلى ألعاب لوس أنجلس الأولمبية (1983) يشعر وكأنهما بصدد لعب نهائي كأس العالم، لا مجرد تصفيات لألعاب أولمبية يشارك فيها الهواة دون المحترفين بالنسبة للأندية الأوروبية والأمريكو لاتينية· وبعد تعادل مفاجئ حققه المنتخب المصري بقيادة المدرب الراحل صالح الوحش بهدف لمثله، حدث ما يشبه الزلزال في الجزائر ووصف المدرب حميد زوبا بأبشع النعوت، وتم تحميله مسؤولية تلك ''الإنتكاسة''، وأقيل من منصبه وجيء بخالف محي الدين الذي سبق وأن درب المنتخب في كأس العالم 1982, ولم يتمكن المدرب العائد الذي غيّر كثيرا في التشكيلة من تحقيق المفاجأة عندما انهزم في أستاد ناصر بالقاهرة بعد أيام قليلة من ذلك بهدف لصفر أمام ضغط كبير وجو مشحون للغاية، بل وانحرفت المقابلة إلى مواجهات بين لاعبي المنتخبين ليلتقي المنتخبان بعد أشهر قليلة من ذلك في ساحل العاج ويفوز المنتخب الجزائري في المقابلة الترتيبية بثلاثة أهداف لهدف واحد· والغريب في الأمر أن سيناريو 1983 أعيد بكل تفاصيله تقريبا في سنة 1989 بمناسبة الدور الأخير المؤهل لنهائيات كأس العالم 1990 بإيطاليا، فالمنتخب الجزائري الذي كان يشكو الكثير من النقائص تحت قيادة المدرب كمال لموي، كان في حاجة إلى تلك الصدمة التي أيقظته من غيبوبته، ولم يتمكن من الفوز على المنتخب المصري في لقاء الذهاب سنة 1989 بقسنطينة، وبمستوى أبعد بكثير عن المواجهة الدولية، وأعيد سيناريو إقالة المدرب من جديد وتم تعويضه بهيئة تدريب تحت قيادة عبد الحميد كرمالي، وأعيدت انتكاسة 1983 بهزيمة المنتخب الجزائري (0-1) في أجواء مشحونة وهناك تفجرت قضية بلومي الذي اتهم بفقء عين طبيب مصري، وحرم من السفر إلى الخارج عشرين سنة كاملة، والتقى المنتخبان، مرة أخرى، في نهائيات كأس إفريقيا للأمم 1990 بالجزائر، وفاز المنتخب الجزائري تحت قيادة نفس المدرب بهدفين لصفر في الدور الأول من النهائيات· وكان على المنتخبان انتظار سنين أخرى قبل أن يتقابلا في التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2002 وكان المنتخب الجزائري في أسوأ حالاته وانهزم في لقاء الذهاب بالقاهرة بخمسة أهداف كاملة مقابل هدفين، ورغم أن المنتخب الجزائري في لقاء العودة لم يكن التأهل يعنيه، فقد منع المصريين من الذهاب إلى النهائيات عندما فرض التعادل بهدف لمثله كان كافيا لذهاب منتخب السنغال بدلا من مصر إلى كوريا الجنوبية واليابان· وكانت أول مواجهة بين المنتخبين قد جرت في ألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1975 وانتهت لصالح الجزائر بهدف لصفر، ثم التقى المنتخبان في نيجيريا 1980 وتمكن رفقاء بلومي من تحقيق فوز صعب بالضربات الترجيحية بعد نهاية اللقاء بهدفين لهدفين، مكنتهم من لعب المقابلة النهائيات ضد المنتخب المحلي· وتشاء الأقدار أن يكون أحد المنتخبين في نهائيات كأس العالم بدلا من الآخر عندما وضعتهما القرعة في نفس المجموعة، وبعد هزيمة المنتخب المصري في البليدة بثلاثة أهداف لهدف واحد، ينتظر أن تجرى مباراة العودة في شهر نوفمبر 2009 بالقاهرة، حيث يتخوف العديد من الجزائريين من تكرار سيناريو 1983 وسيناريو 1989, لكن الفرق يمكن في أن نتيجة هدفين لصفر لا تؤهل المنتخب المصري، إضافة إلى ورقة رابحة أخرى تكمن في استقرار المنتخب الجزائري وقوته مقارنة بما كان عليه في المناسبات السابقة، وفي كل الحالات، فإن كل شيء سيتحدد يوم 14 نوفمبر القادم· وفي كل الحالات، فإن المواجهة لن تكون سهلة·