في جزائر الاستقلال استوردنا كل شيء من الخارج حتى صرنا نأتي ب"القارص" من الصين و"الدلاع" من تونس والورد من المغرب واللحم من الهند والسودان، وحتى اللاعبين الذين يحملون الألوان الوطنية في المحافل الدولية استوردهم روراوة من باريس. نهق حماري اللعين وكأني وضعت أصبعي على جرحه العميق، فتنحنح واعتدل في جلسته ثم قال.. وأخيرا فاق الشعب؟ قلت محتجا.. فاق من بكري ولكن ما باليد حيلة. قال ناهقا.. إذن لماذا فتحت الموضوع مادمت ترى أنه لا حيلة كما تقول؟ قلت.. مثلا تريد أن نضرب عن أكل المستورد؟ قاطعني ساخرا.. ستموت أنت وكل الشعب ومعكم السلطة أيضا بالجوع يا عزيزي قلت.. تريد أن نشتغل في أرضنا ونأكل منها مثلا؟ قال.. هذا أمر أصعب من الأول يا صديقي قلت.. ربما هو الحل. قال.. حتى تفكر في هذا يجب أولا أن تكون مواطنا صاحب حق، ثم تكون على قدر من الوعي الذي يجعلك تفكر أن الاكتفاء هو الذي يحقق الرخاء، ولكن كل هذا مرهون برغبة السلطة في أن تخلصك من العبودية والتبعية. قلت.. وهل السلطة ستعارض شعبها لو شمر عن ساعديه؟ ضحك ضحكا هستيريا وقال.. أنت فعلا غريب وفي بعض الأحيان تبدو ألبها إلى حد بعيد، السلطة هي التي فعلت كل هذا وجعلت المواطن مربوطا من أذنيه إلى الخارج، حتى تشركه في مخططاتها الرامية لجعل التبعية ثقافة وطنية يشترك فيها الجميع دون تذمر. قلت.. تبالغ كعادتك يا حماري، ثم لماذا لا تقول أن الشعب كسول والسلطة لا تعول عليه في شيء؟ قال.. هذا أيضا عامل مهم تتكئ عليه السلطة في تحركاتها، لأن الكسل هو الذي شجعها أن تفعل ما تفعل، ولكن مع ذلك يجب أن تعرف أن التخطيط “جاي من فوق" ويفوتك ويفوتني، لذلك دعنا نأكل ونلبس ونفكر ب«المستورد".