نتعلّم من وبالأضداد وندرك حقيقة الأشياء، فلا لذة للنّور إن لم نلتحف بالظلام، ولا طعم للعذب إن لم يقهرنا المرّ، إلا الحياة، فحجبها قد تتكشف مع نهاية سفرها الأول، وقد تغفل عن البصيرة إلى حين اكتمال السفر الرابع.. صديقي بن عودة: هل عبرت السّفر أولا وثانيا وثالثا ورابعا لتدخل الأبواب متدرجا ومتعرجا، مريدا فسالكا، تحلم بالاكتمال في المعنى؟ فلِم لم تتم قراءة الأسماء كلها، ولا تنتظر السجود، فقد سهونا عن الطريق؟ عذرا، رغم أننا ندرك أن السهو حجاب إبليس، الذي أبى، الذي يتعدد كيفما شاء خشية “نون وما يسطرون"، ولا حجة له بعد “لست بقارىء" غير تأويل الحقيقة الحمّالة للأوجه، بغية حصرها بغير مبتغى، بعيدا عن كل نور وطيف. صديقي الذي في عليين، لا أنكر أنّي أدكت اليقين معك في شوارع وهران ومقاهيها، فالعقل عقال ورباط لحدود الفهم فلا يعتديها، أما النفس فأمّارة بالسوء وربما البهاء فما هي إلا كأتان المجذوب لا يركبها ولا تركبه وقد غفلها مع القوم التّبع، فدع القلب يكشف الرؤى فما تحبسه حجب ولا أنوار.. بختي: أدرك أنك تدرك أنّ الحقيقة يقينا لا تتحقق بغير محو الرّان، فكيف قد أتاك الرّان من غير رداء، ملتفا بالرّدى، ومتجاوزا الرعونة؟ وهل كان يدرك أنك لحظتها تنتظر ببهو السابقة، مسلما لها في الأبواب إذ لا مؤخر ولا مقدم لها؟.. ونسلم بعدك تجاوزا ومجازا أنه قدرك الواقع ولا مفرّ منه.. ليس من اليسر اكتشاف السر، سر ما أنت فيه وعليه، ونحن بعدك لم نصحو ولم ننتبه بعد و(الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا)، نتلهى بالحديث والكلام عمّ كنت فيه وعليه. والسر في السر أنه، إن فاق الاثنين لم يعد كذلك. لا شيء بعدك تغير غير اشتعال الرأس بياضا، وإخماد الفهوانية، وعيش على الذكرى. قد نتذكر فنساق متوهمين إلى مكانة كنت تتبوؤها حالما وآملا. صديقي، أنت الذي في الملكوت سابحا ترى وتسمع، أسامرك عرفانية تعشقك كعشقك لها، إذ صيّرتك المختلف والاستثناء، وصيّرتها عشيقة ثم حاملا.. ملاحظة وهامش: - لتوضيح الرؤية يرجى العودة لمعجم النقشبندي.