أعلنت ليبيا، أمس الاثنين، الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الاشتباكات التي وقعت في مدينة بنغازي شرق البلاد، بينما قبل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) استقالة رئيس أركان الجيش يوسف المنقوش على خلفية هذه الاشتباكات التي قتل فيها 31 شخصا وأصيب أكثر من مائة. وفي موكب جنائزي إلى مقبرة الهواري بموقع غير بعيد عن وسط المدينة، شيع المئات في بنغازي، أول أمس الأحد، قتلى الاشتباكات التي وقعت بين متظاهرين وثوار من كتيبة درع ليبيا. اندلعت الاشتباكات - التي استخدمت فيها أنواع مختلفة من الأسلحة- عندما حاول عشرات المتظاهرين - بينهم مسلحون- طرد عناصر قوة "درع ليبيا" من مقرهم في بنغازي، وطوقوا المقر ودعوا قوات الأمن النظامية إلى اقتحامه. وتضم كتيبة "درع ليبيا" ثوارا سابقين قاتلوا نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، وتتبع رسميا لوزارة الدفاع. وتلجأ السلطات - التي تجد صعوبة في تشكيل جيش وشرطة محترفين- باستمرار، إلى هؤلاء الثوار السابقين لتأمين حدودها أو الفصل في نزاعات قبلية. وقد أصدر رئيس الأركان العامة بالجيش، أول أمس الأحد، قرارا يأمر فيه باستلام مقار قوات درع ليبيا. وأوضحت وكالة الأنباء الليبية (وال) أن رئيس الأركان أمر بتسليم مقر درع ليبيا القوة (1) إلى القوات الخاصة "الصاعقة"، ومقر درع ليبيا القوة (2) إلى كتيبة المشاة البحرية، ومقر درع ليبيا القوة (7) إلى قوات الدفاع الجوي، ومقر درع ليبيا القوة (10) إلى الكتيبة الجوية (404). وكان رئيس الوزراء علي زيدان قد أكد في وقت سابق أن عناصر "درع ليبيا" غادروا المقر، وأن الجيش تسلم المقر ويتولى أمر الأسلحة الثقيلة الموجودة فيه. وأعلن زيدان الذي كان يتحدث للتلفزيون الليبي عن فتح تحقيق في الحادث، وطالب كل الأطراف بضبط النفس. من جهة أخرى، قدم رئيس الأركان العامة للجيش الليبي اللواء يوسف المنقوش استقالته على خلفية اشتباكات بنغازي وقبلها المؤتمر الوطني العام. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر في رئاسة المؤتمر قولها إن جمعة اعتيقة النائب الأول لرئيس المؤتمر تلا، خلال الجلسة المسائية ليوم الأحد، نص الاستقالة التي تقدم بها المنقوش كتابيا، والتي وافق عليها المؤتمر. وأضافت الوكالة نقلا عن مصادر وصفتها بأنها "مطلعة"، أن اللواء سالم الجنيدي هو المرشح المحتمل لتولي المنصب خلفا للمنقوش. وأشارت إلى أن النائب الأول لرئيس الأركان سيأخذ منصب المنقوش مؤقتا إلى حين تسمية رئيس جديد للأركان الأسبوع المقبل. وبدورها نقلت مصادر إعلامية عن ثلاثة أعضاء في المؤتمر الوطني قولهم إن المنقوش أبلغ المؤتمر في جلسة مغلقة بأنه لن يستمر في منصبه، وأن المؤتمر قبل الاستقالة. وقال أحد الأعضاء المذكورين إن المؤتمر الوطني اختار سالم الجنيدي نائب رئيس الأركان ليحل محل المنقوش إلى حين اختيار رئيس جديد للأركان. كما فوض المؤتمر، مساء أول أمس الأحد، الحكومة بإنهاء التواجد الفعلي للكتائب والتشكيلات المسلحة غير الشرعية في كافة مدن ليبيا ولو باستخدام القوة العسكرية، وطلب منها وضع خطة تنفذ في مدة زمنية محددة لا تتجاوز نهاية العام الحالي لإنهاء تلك التشكيلات. كما طالب الحكومة بضرورة العمل على انضمام الكتائب التابعة لشرعية الدولة إلى الجيش الوطني كأفراد يحملون رقما عسكريا، وكلف النائب العام بانتداب قاض للتحقيق في الأحداث التي وقعت في بنغازي. وطلب المؤتمر أيضا من وزارة الدفاع ورئاسة الأركان متابعة الضباط التابعين لها واتخاذ الإجراءات القانونية حيال من يخالف اللوائح والنظم العسكرية، وخاصة الإدلاء بالتصريحات لوسائل الإعلام دون علم الوزارة أو رئاسة الأركان. ودعا الليبيين إلى تغليب لغة الحوار ومصالح الوطن واستشعار خطورة الموقف بعد الأحداث الدامية التي شهدتها بنغازي، وقال في بيان إنه يتابع تطور الأحداث وعلى تواصل مع الحكومة لرصد تداعياتها تمهيدا لاتخاذ قرارات حاسمة لم يحدد طبيعتها.