تعطرت أجواء السهرة الثالثة من مهرجان تيمقاد الدولي في طبعته ال 35 بمزيج من موسيقى الريقي والسالسا والتي تخللتها من حين لآخر وصلات من طابعي المامبو وكذا التشا التشا تشا. شهدت سهرة أول أمس التي استقطبت جمهورا محتشما لكن ذواقا لهذا النوع من الموسيقى حضورا مميزا لفرق من أمريكا اللاتينية التي أضفت أجواء مميزة على الركح الذي بدا جذابا بألوان الخمسينية. وكانت البداية مع فرقة نيويورك سالسا أول ستارس التي قدمت من كوبا وحملت معها أغاني امتزج فيها التراث الغنائي والموسيقى الكوبي بأنغام السالسا الحديثة لتعطيها الآلات النفخية وكذا الإيقاعية بعدا آخر حقق الفرجة والمتعة للجمهور الحاضر على قلته. أما أقوى لحظات هذه السهرة فكانت عندما نزل قائد الفرقة الجمايكي ألفريدو دو لا في من المنصة وهو يعزف على كمانه الآلي ذي 7 أوتار ليتوجه لمدرجات مسرح الهواء الطلق ويختلط بالساهرين وكأنه يريد أن يحرك فيهم حرارة موسيقاه العذبة والساحرة ويجعلهم يقاسمونه وعن قرب لحظات ميلاد نغماته التي كانت بحق شجية. وبدت علامات الرضى والابتهاج على وجه ألفريدو الذي سره رد فعل الحضور فراح يتجول بين الساهرين ويعزف لهم تحت أضواء كاميرات وسائل الإعلام التي كانت حاضرة بقوة في تلك السهرة. وتواصلت السهرة بعد ذلك مع مغني الريقي المعروف ديسمند فوستر وفرقته الجمايكية، حيث كان وفيا للأب الروحي للريقي المغني الشهير بوب مارلي ليمتع الحضور بأجمل أغانيه ثم يقدم أغان من ألبومه الجديد وكذا القديم واستطاع أن يبث الحرارة في المدرجات. أما آخر من اعتلى الركح في تلك الليلة التي تميزت ببرودة جو غير معتادة في مثل هذه الفترة من الصيف بعاصمة الأوراس، فكان المغني بابا دي من جمهورية ترينيتي وتوباقو من الكراييب الذي سبق له -كما قال- أن جمعته أغنية على المباشر مع ملك الراي الشاب خالد في حين يحضر لتسجيل أغنية مع حكيم صالحي في اليومين المقبلين يمتزج فيها الريقي بالراي وموسيقى القناوة. وصرح بابا دي أن موسيقاه تستمد جذورها من الريقي وأن ألبومه الجديد على عكس ألبوماته ال 10 القديمة سيعود فيه إلى العصر الذهبي لهذا النوع من الموسيقى الذي كان رائجا في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات. ولم يخف المغني بابا دي أنه وفوستر كانت لهما معرفة بالموسيقى الجزائرية من خلال تعاملهما مع فرق بفرنسا ذات أصول جزائرية ليتطرق بعدها في حديث جمعه بالصحفيين بأحد فنادق المدينة قبيل العرض بأنه يتشابه كثيرا في أداء أغنية الريقي مع ديسمند فوستر لكن تتمثل نقطة الاختلاف في كونه يكتب الكلمات. أما فوستر الذي بدأ رحلته مع الموسيقى ضمن فرقة بونيام الشهيرة وعمره لا يتعدى 15 سنة فيلحن ويكتب الموسيقى كما يعرف بتمكنه من التعامل مع آلات موسيقية مختلفة. وتميزت السهرة الثالثة التي جاءت بألوان أمريكا اللاتينية بحضور قوي لموسيقى الريقي في حين كان القاسم المشترك بين كل الذين اعتلوا ركح مسرح الهواء الطلق الجديد ليلة السبت إلى الأحد أداؤهم للوصلات الغنائية باللغة الإنجليزية كما لم يسبق لهم أن زاروا الجزائر من قبل، ليكون مهرجان تيمقاد الدولي أول محطة لهم ببلد المليون ونصف المليون شهيد. لكن على الرغم من أن الجمهور كان محتشما إلا أنه ترك انطباعا حسنا لدى ضيوف تاموقادي الذين عبروا في نهاية كل وصلة عن إعجابهم بتجاوب الحضور مع موسيقاهم التي تمثل جمايكا ويعود الفضل في إخراجها إلى العالمية إلى بوب مارلي.