بلغ المشهد السياسي المصري ذروته هذه المرة كماً ونوعاً متجاوزاً حتى مشاهد ثورة الخامس والعشرين من يناير، حيث بدت الأعداد المشاركة في التظاهرات أكثر بكثير مما حدث في الموجة الأولى للثورة في يناير 2011، فضلا عن دخول عناصر جديدة لساحة الصراع، بشكل تجاوز الفاعلين التقليديين في المشهد السياسي. ذروة التطور بدا في الحراك العام، الذي عمّ المدن والمحافظات المصرية، في مشهد نادر بتاريخ الثلاثين من الشهر الماضي، والذي أعقبه أمس بيان الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، الذي بعث برسالة قوية للطبقة السياسية، وإن بدا بيانا تنطبق عليه مقولة "حمال أوجه" حيث نص على ضرورة وضع حد للمخاطر الناتجة عن عدم الاستجابة لمطالب الشعب الذي قال كلمته، وأن القوات المسلحة تمهل جميع الأطراف 84 ساعة أخرى لإيجاد توافق عام. محذراً أن القوات المسلحة ستتحمل مسؤوليتها في حال عدم وجود مخرج للأزمة القائمة، من واقع مسؤوليتها التاريخية (حسب نص البيان) وتفرض"خارطة مستقبل" دون أن يضع تفاصيل هذه الخطة ولا ماهيتها. الأمر الذي أعطى أكثر من تفسير لبيان القوات المسلحة، لكنه لم يمنع من تفاعل الفاعلين السياسيين مع "بيان الجيش" الغامض، حيث جاء رد "جبهة الإنقاذ" بالترحيب ببيان الجيش الذي قالت إنه إنحاز لمطالب الشعب المصري، لكنها دعت في الوقت ذاته الشعب إلى النزول في مليونيات عارمة الثلاثاء. فيما أصدر ما يعرف ب "تحالف حماية الشرعية" بيانا أكد فيه دعمه لشرعية مرسي، مجددا احترامه لمؤسسة الجيش. لكن ما بدا صادماً بالنسبة لأنصار مرسي هو بيان حزب النور السلفي (الحليف السابق لجماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة الحاكم) حيث طالب "النور والجبهة السلفية) الرئيس محمد مرسي بتغليب المصلحة العليا للبلاد، وتقديم المصالح على المفاسد، لدرء الفتنة المتمثلة في الحرب الأهلية التي رأت أن نذرها بدت قريبة وواضحة. وبالتالي يطالب البيان بشكل واضح مؤسسة الرئاسة بإعلان "موعد لانتخابات رئاسية مبكرة" وتشكيل حكومة تكنوقراط محايدة تدير المرحلة الانتقالية ! وهو ما يخصم من رصيد الرئيس مرسي وحلفائه من التيار الإسلامي المعتصم في ميدان رابعة العدوية. فضلاً عن استقالة 12 وزيراً من حكومة قنديل، وثمانية نواب في مجلس الشورى، تضامناً مع مطالب المتظاهرين. فيما دخل الرئيس الأمريكي على الخط، كاشفاً عن اتصال هاتفي أجراه مع الرئيس المصري، مؤكداً: أنه طلب من مرسي، اتخاذ خطوات عاجلة استجابةً لمطالب المتظاهرين الشرعية". وهو ما عده البعض تطوراً آخر يعبر عن موقف أهم دولة حليفة للإخوان في العالم، وهي الولاياتالمتحدة التي ظلت سفيرتها في القاهرة تصدر بيانات تدين فيها خروج المعارضة للشارع لوقت قريب. الأمر الذي يستحق من "الإخوان" هذه المرة إيلاء أهمية خاصة لمطالب المتظاهرين التي ظلوا يتجاهلونها إلى أن أتى النداء من طرفين يعتبرهما الأخوان هما الأهم لتثبيت أركان حكمهم وهما "المؤسسة العسكرية المصرية" و«الإدارة الأمريكية ".