امتلأت الشوارع المصرية، مساء أمس، بالاحتفالات وتعالت الزغاريد احتفالا ببيان الجيش المصري، الذي ألقاه الفريق عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع المصري، وأكد فيه وقوف القوات المسلحة الكامل إلى جانب مطالب الشعب كافة، وأمهلت جميع الفرقاء السياسيين في مصر 48 ساعة من أجل "تحقيق مطالب الشعب"، وأعلنت أنه في حال انتهاء المهلة دون جديد، ستقوم القوات المسلحة بطرح خارطة طريق، تشرف هي على تنفيذها، وتتخذ الإجراءات المناسبة لضمان تنفيذ مطالب الشعب. قالت القوات المسلحة المصرية، في بيانها، “شهدت الساحة المصرية والعالم أجمع، أمس، مظاهرات وخروجا لشعب مصر العظيم ليعبّر عن رأيه وإرادته بشكل سلمى وحضاري غير مسبوق. لقد رأى الجميع حركة الشعب المصري وسمعوا صوته بأقصى درجات الاحترام والاهتمام، ومن المحتم أن يتلقى الشعب رداً على حركته وعلى ندائه من كل طرف يتحمّل قدرا من المسؤولية في هذه الظروف الخطرة المحيطة بالوطن”. الكل يحتفل في مصر المعارضة والموالاة وكانت منطقة المقطم بالقاهرة، التي يتواجد بها مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، قد عاشت، أول أمس، ليلة دامية بعدما قام عشرات المحتجين الغاضبين بالاعتداء على المقر وإضرام النار به، ما أدى إلى إتلاف جزء كبير منه، وسرقة متحوياته، وقد أسفرت عملية الاعتداء عن سقوط 8 قتلى وعشرات المصابين، حسب تقرير رسمي من وزارة الصحة المصرية، بينما كشفت مصادر “الخبر” أن عدد الضحايا الذين سقطوا أمام مقر مكتب إرشاد الجماعة وصل إلى 12 شخصا، بعد اشتباكات عنيفة اندلعت بين مؤيدين ومعارضين للرئيس مرسي، تبادلوا خلال الرمي بالحجارة وإطلاق القنابل الحارقة، ومنع المتظاهرون سيارات الحماية المدنية من الاقتراب من مبنى إرشاد الجماعة، الذي تحوّل جزء كبير منه إلى ركام. كما استهدفت مقارات الجماعة في عدة محافظات مصرية، وهي الأعمال التي اعتبرتها الجماعة بداية الإعلان عن الحرب وتدشين مسلسل العنف والقتل. بينما أدانت جبهة الإنقاذ المعارضة، في بيان لها، كل ممارسات العنف التي شهدتها بعض المحافظات المصرية. بيان الجيش أثار ردود فعل مختلفة، فقد أحتفل به المتظاهرون المناصرون للرئيس محمد مرسي، وصاحبت احتفالاتهم أغنية “خلي السلاح صاحي” لعبد الحليم حافظ، مؤكدين على أنهم سيواصلون اعتصامهم أمام مسجد رابعة العدوية، بمدينة نصر، لحين انتهاء المهلة التي حددها الجيش، وأن الجيش لن ينقلب على مرسي، لأنه رئيس منتخب، مشيرين إلى أن بيان الجيش هو رسالة للمعارضة التي أعطاها الفرصة الأخيرة بعد رفضها الحوار. وفي المقابل، فسر معارضو الرئيس تشغيل هذه الأغنية تحديدا، بأنها تهديد مباشر من أنصار جماعة الإخوان المسلمين، بأنهم سيستخدمون العنف في حالة الانقلاب العسكري. وكما رفع مؤيدو الرئيس مرسي راية النصر، أحتفل معارضو مرسي بالبيان الذي اعتبروه انتصارا لإرادة الشعب، الذي نزل بالملايين لإسقاط الرئيس المصري، فقد وردت في إحصاءات موقع “جوجل إيرث” أن عدد المتظاهرين المعارضين للرئيس بلغ، أول أمس، 14 مليونا و600 ألف، وهو يعتبر رقما قياسيا لأكبر مظاهرة احتجاجية في التاريخ. مظاهر البهجة في الشارع المصري شملت إطلاق الأغاني في الشوارع ومواكب السيارات وحتى الرقص وتوزيع الشربات “عصير مصري يستخدم في الأفراح”، وامتلأ ميدان التحرير بآلاف المتظاهرين، الذين كانوا يرغبون في استراحة المحارب استعدادا للمظاهرات الحاشدة التي كانت مقررة غدا (اليوم) تحت شعار “يوم الشعب”، والزحف إلى قصر القبة الرئاسي المتواجد به الرئيس مرسي، غير أن بيان الجيش قلب الموازين وغيّر خطط القوى الثورية، التي نزلت إلى ميدان التحرير ومختلف ميادين الحرية المصرية، ابتهاجا بما وصفته بالنصر المحقق، جاء هذا وسط استقالات لعشرة وزراء احتجاجا على سياسات مرسي، ومنهم وزراء السياحة والشؤون النيابية والبيئة والاتصالات، وهي الاستقالات التي رفضتها الحكومة، بالإضافة إلى استقالة الفريق سامي عنان من الهيئة الاستشارية للرئاسة، وهو رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، كما استقال محافظ الإسماعيلية. من جهتها، ردت مؤسسة الرئاسة على بيان الجيش بإرسال صورة للصحفيين تجمع بين الرئيس مرسي وأعضاء حكومته، في اجتماع داخل القصر الرئاسي، وهم يبتسمون وكأن شيئا لم يحدث. السيسي أخطر رجل في مصر ورغم أن الفريق عبد الفتاح السيسي، هو التلميذ النجيب للمشير طنطاوي، وتخرجا من الكلية الحربية، وبينهما علاقة وطيدة، إلا أنه يختلف كثيرا عنه. ونشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية تقريرا أكدت فيه، أن المشير طنطاوي قدم السيسي لمستشار أوباما لشؤون الإرهاب على أنه وزير الدفاع القادم في مصر، هذه الثقة جعلت الفريق السيسي يقود اختيارات المجلس العسكري طوال أحداث الثورة. وظلت العلاقة بين السيسي وطنطاوي قوية حتى بعد رحيل المشير، والجملة التي قالها طنطاوي عنه “السيسي لا يفعل سوى ثلاثة أشياء في حياته: الصلاة وقراءة القرآن ثم العمل وممارسة الرياضة”، هذه المقولة انتشرت كثيرا بين ضباط القوات المسلحة ورسمت صورة ذهنية جيدة عنه. وبعد خروج طنطاوي من وزارة الدفاع، سعى السيسي لتغيير الصورة النمطية عن القائد العام للقوات المسلحة، بعد سنوات كثيرة حكم فيها طنطاوي الجيش، فالمشير مع تقدمه في العمر بدا ظهره منحنيا، وملامح العجز تظهر على وجهه، بينما أصر السيسي على حضور الطوابير الرياضية في الكلية الحربية، وشارك مع القادة الجدد رياضة العدو، للتأكيد على قوة اللياقة البدنية للوزير الجديد. وخلال فترة توليه وزارة الدفاع، قام بتحديث الأسلحة والمعدات وتدريب الأفراد، وهذا يتضح من نزول قوات الجيش هذه المرة بمعدات حديثة وجنود أكثر تدريبا. الفريق والرئيس بداية ونهاية منذ إعلان حركة “تمرد” عن جمع ملايين التوقيعات، اختار وزير الدفاع المصري لعب دور الوسيط، وقام الجيش بإجراء اتصالات مع حمدين صباحي والبرادعي، طلب فيها توفيق الأوضاع وتقريب وجهات النظر مع الرئيس وجماعته، ورفض حمدين والبرادعي أي لقاء، مؤكدين أنهما لا يثقان في كلام مرسي والإخوان. وحاول الفريق السياسي إقناع مرسي باتخاذ إجراءات إستباقية حتى لا ينفجر الشارع، واقترح عليه تعديلا وزاريا واسعا يتخطى نصف الحقائب، بوزراء غير محسوبين على تيار أو حزب سياسي، ووافق مرسي على الفكرة، واتفق الاثنان على فتح مفاوضات في اتجاهين لرئاسة الوزراء، الأول مع الدكتور محمد العريان العالم الاقتصادي المصري المقيم في أمريكا، والذي يدير استثمارات مجموعة هامة من صناديق الاستثمار الأمريكية، والثاني هو الدكتور كمال الجنزوري، في حالة رفض العريان لرئاسة الوزراء، كما اتفقا على إيجاد آلية قانونية لتغيير النائب العام واختياره عن طريق المجلس الأعلى للقضاء، بعيدا عن السلطة التنفيذية، لكن مكتب إرشاد الجماعة رفض الاتفاق الذي تم بين الرئيس ووزير الدفاع، واعتبروا التغيير الوزاري وتغيير النائب العام، بمثابة تنازل سيؤدي إلى هلاكهم جميعا، فتراجع مرسي كعادته، وأصدرت الرئاسة بيانا أكدت فيه أنه لا يوجد أي تغيير وزاري، وأن لقاء مرسي بهشام قنديل كان لبحث توفير احتياجات المواطنين في شهر رمضان. 5 طائرات عسكرية تحيي معارضي مرسي وتعلن تأييدها لبيان السيسي وقبل نحو عشرة أيام، حذر السيسي في تصريحات له من ممارسة أي عنف ضد المتظاهرين، أو ترويعهم أو إرهابهم، كما حذّر من اللعب بالجيش والتطاول عليه، ليكون مشهد النهاية انطلاق 5 طائرات هليكوبتر حربية، مرت على المتظاهرين في التحرير تحمل خمس رايات للفروع الرئيسية للقوات المسلحة، “الطيران والبحرية والدفاع الجوي والجيشين الثاني والثالث الميداني”، وهو مشهد يحمل العديد من المعاني، أولهم أن قادة الفروع الرئيسية للقوات المسلحة، أعلنت دعمها لبيان الفريق السيسي، والثاني هو تأكيد المؤسسة العسكرية دعمها لمطالب المحتجين. الداخلية المصرية تدعم بيان الجيش استمرارا لردود الفعل حول بيان القوات المسلحة المصرية، أصدرت وزارة الداخلية بيانا، في وقت متأخر من مساء أمس، أعلنت فيه تضمنها الكامل مع بيان الجيش، وأنها تقف على مسافة واحدة من جميع الفصائل دون الانحياز لفصيل على حساب الآخر، وتعهدت بالالتزام بحماية المنشآت العامة والمتظاهرين، وأكدت الداخلية المصرية في بيانها أنها لن تخذل الشعب الذي خرج بسلمية للتعبير عن رأيه. القاهرة: س.ب لقاء بين مرسي والسيسي لحل الأزمة أوردت الصفحة الرسمية للرئيس المصري محمد مرسي على “فايسبوك”، أن “مرسي اجتمع بوزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء هشام قنديل”. وجاء في الصفحة تعليقا على الصورة التي نشرتها “السيد الرئيس محمد مرسي يلتقي الدكتور هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء والفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع”، وجاء الاجتماع بعد الإعلان الذي أصدره الجيش. وذكرت وكالة الأنباء التركية أن الجيش المصري رفض طلبا لواشنطن دعا إلى إبقاء الرئيس مرسي رئيسا رمزيا إلى حين إجراء انتخابات مبكرة. الوكالات كرونولوجيا الأزمة في مصر 2012 30 جوان: مرسي يفوز في الانتخابات الرئاسية على حساب أحمد شفيق ب51.73 بالمائة. ويكون أول رئيس دولة مدني منتخب في تاريخ مصر. 12 أوت: مرسي يوسّع صلاحياته عبر إعلان رئاسي ويدخل مصر في أزمة سياسية. 30 أوت: اللجنة التأسيسية تمرر مشروع الإعلان الدستوري وتقاطعه المعارضة والكنيسة. 8 ديسمبر: مرسي يقبل بالتنازل عن صلاحياته الموسعة من أجل الخروج من الأزمة، لكنه يبقى على الاستفتاء على الدستور. 16 ديسمبر: التصويت على الدستور ب64 بالمائة والمعارضة تقول بأنه غير شرعي. 2013 24 جانفي: اندلاع موجة جديدة من العنف بين متظاهرين وقوات الأمن عشية الاحتفالات بالذكرى الثانية للثورة، بعد الحكم على 21 مناصر في أحداث بورسعيد بالإعدام. 20 جوان: العدالة تقضي بعدم شرعية مجلس الشورى وعدم دستوريته. 26 إلى 29 جوان: صدامات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه تخلّف 8 قتلى، بينهم أمريكي. 30 جوان: مظاهرات مليونية في مدن مصر تطالب بإنهاء حكم الإخوان واستقالة مرسي. 01 جويلية: المعارضة تمهل مرسي 24 ساعة للاستقالة وتهدد بالعصيان المدني، والجيش يصدر بيانا يمهل فيه مرسي 48 ساعة للاستجابة لمطالب الشعب.